للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوُجِدَ الشَّرْطُ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك عَشْرًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ، وَكَذَا لَا يَقَعُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ: شِئْت نِصْفَ وَاحِدَةٍ.

(وَلَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك بَائِنَةً وَاحِدَةً (أَوْ الرَّجْعِيِّ) بِأَنْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً (فَعَكَسَتْ) الْمَرْأَةُ بِأَنْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي الْأُولَى أَوْ بَائِنَةً فِي الثَّانِيَةِ (وَقَعَ مَا أَمَرَ) بِهِ الزَّوْجُ فَوَقَعَ فِي الْأُولَى الْبَائِنُ وَفِي الثَّانِيَةِ الرَّجْعِيُّ؛ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِالْأَصْلِ وَزِيَادَةَ وَصْفٍ فَيَلْغُو الْوَصْفُ وَيَبْقَى الْأَصْلُ.

(وَلَوْ قَالَ) لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ شِئْت فَقَالَ) الزَّوْجُ (شِئْت) حَالَ كَوْنِهِ (يَنْوِي الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْمَشِيئَةِ بِالْمُرْسَلَةِ وَهِيَ أَتَتْ بِالْمُعَلَّقَةِ فَيَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا بِالِاشْتِغَالِ بِمَا لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهَا مِنْ الشَّرْطِ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ وَلَا فِي كَلَامِهَا ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَبَقِيَ قَوْلُهُ شِئْتِ مُبْهَمًا، وَالنِّيَّةُ لَا تَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورِ، أَمَّا لَوْ قَالَتْ شِئْت طَلَاقِي فَقَالَ شِئْت نَاوِيًا الطَّلَاقَ وَقَعَ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْءِ وَهُوَ الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَرَدْت طَلَاقَك؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ بَلْ هِيَ طَلَبٌ لِنَفْسِ الْوُجُودِ عَنْ مَيْلٍ، وَلَا يَلْزَمُنَا أَنَّ الْإِرَادَةَ وَالْمَشِيئَةَ سِيَّانِ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْبَارِي جَلَّتْ قُدْرَتُهُ وَكَلَامُنَا فِي إرَادَةِ الْعِبَادِ، وَجَازَ أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُمَا تَفْرِقَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْنَا وَتَسْوِيَةٌ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مَا أَرَادَهُ يَكُونُ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَا سَائِرُ صِفَاتِهِ تَعَالَى مُخَالِفٌ لِصِفَاتِنَا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(وَكَذَا لَوْ عُلِّقَتْ الْمَشِيئَةُ بِمَعْدُومٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ كَانَ كَذَا الْأَمْرُ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْت امْرَأَتِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَهُ لَا تَطْلُقُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ وَاقِعٌ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَإِذَا تَحَقَّقَ الْجَزَاءُ وَهُوَ لِثَلَاثٍ لَا يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ فَلَا يَقَعُ وَيُسَمَّى طَلَاقًا دَوْرِيًّا؛ لِأَنَّ تَحَقُّقَ الثَّلَاثِ مَوْقُوفٌ عَلَى تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ الْوَاحِدَةِ وَتَحَقُّقَ الْوَاحِدِ مَوْقُوفٌ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُ ابْنُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ وَتَنْظِيرُهُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِظُهُورِ الْفَرْقِ تَتَبَّعْ.

(وَإِنْ عَلَّقَ بِمَوْجُودٍ) أَيْ لَوْ قَالَتْ شِئْت إنْ كَانَ فُلَانٌ قَدْ جَاءَ، وَقَدْ جَاءَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَمْرٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مَنْ قَالَ أَنَا يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَلَى هَذَا الْكُفْرَ وَأُجِيبُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْكُفْرِ، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ نَقُولُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كِنَايَةٌ عَنْ الْيَمِينِ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ بِهَا بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ فَكَذَا إذَا كَانَ مَاضِيًا تَحَامِيًا عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ إرَادَتِهَا أَوْ رِضَاهَا أَوْ هَوَاهَا أَوْ حُبِّهَا يَكُونُ تَمْلِيكًا فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّنْجِيزِ فَصَارَ كَالْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>