للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجُ فِي قَوْلِهَا، وَأَمَّا إذَا صَدَّقَهَا طَلُقَتْ فُلَانَةُ أَيْضًا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي صُورَةِ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ تَأَمَّلْ.

وَفِي التَّبْيِينِ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا أَخْبَرَتْ وَالْحَيْضُ قَائِمٌ فَإِذَا انْقَطَعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَشَرْطٌ فِيهِ قِيَامُ الشَّرْطِ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا لَا فِي غَيْرِهَا.

(لَوْ قَالَ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ عَذَابَ اللَّهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ فَقَالَتْ أُحِبُّ طَلُقَتْ) الْمَرْأَةُ (وَلَا يَعْتِقُ) الْعَبْدُ فَإِنْ قِيلَ تَيَقُّنًا بِكَذِبِهَا حِينَ قَالَتْ أُحِبُّ عَذَابَ اللَّهِ فَلَمْ تَطْلُقْ أُجِيبُ بِمَنْعِ التَّيَقُّنِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَبْلُغُ بِهِ ضِيقُ الصَّدْرِ وَعَدَمُ الصَّبْرِ وَسُوءُ الْحَالِ إلَى دَرَجَةٍ يُحِبُّ الْمَوْتَ فِيهَا فَجَازَ أَنْ يَحْمِلَهَا شِدَّةُ بُغْضِهَا مَعَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الذَّوْقِ لِلْعَذَابِ فِي الْحَالِ عَلَى تَمَنِّي الْخَلَاصِ مِنْهُ بِالْعَذَابِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت تُحِبِّينِي بِقَلْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أُحِبُّك كَاذِبَةً طَلُقَتْ قَضَاءً وَدِيَانَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَحَبَّةَ بِالْقَلْبِ فَذِكْرُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً إلَّا إذَا صُدِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَحَبَّةِ هُوَ الْقَلْبُ وَاللِّسَانُ خَلَفٌ عَنْهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأَصْلِ يُبْطِلُ الْخَلْفِيَّةَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَحَبَّةِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ تَخْيِيرًا حَتَّى لَوْ قَامَتْ وَقَالَتْ أُحِبُّهُ لَا تَطْلُقُ، وَالتَّعْلِيقُ بِالْحَيْضِ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ.

وَالثَّانِي أَنَّهَا إذَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي الْأَخْبَارِ تَطْلُقُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَحَبَّةِ لِمَا قُلْنَا وَفِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ لَا تَطْلُقُ دَيَّانَةً كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.

وَفِي الْفَتْحِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ السَّبِّ نَحْوَ: قَرْطَبَانٌ وَسِفْلَةٌ فَقَالَ إنْ كُنْت كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ.

(وَلَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي) قَوْلِهِ (إنْ حِضْت مَا لَمْ يَسْتَمِرَّ الدَّمُ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَاضَةً (فَإِذَا اسْتَمَرَّ) الدَّمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (مِنْ ابْتِدَائِهِ) أَيْ مِنْ حِينِ رَأَتْ الدَّمَ؛ لِأَنَّهُ بِالِامْتِدَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>