يُفَرِّقُ الْقَاضِي وَيَقُولُ: قَدْ أَلْزَمْتُهُ أُمَّهُ وَأَخْرَجْته مِنْ نَسَبِ الْأَبِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَنْتَفِي النَّسَبُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ التَّفْرِيقِ بِاللِّعَانِ نَفْيُ النَّسَبِ كَمَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُ بِاللِّعَانِ وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ عَنْهُ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ثُمَّ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ بَعْدَمَا قُطِعَ نَسَبُهُ فَجَمِيعُ أَحْكَامِ نَسَبِهِ بَاقٍ سِوَى الْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ.
(فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ اللِّعَانِ (حُدَّ) حَدَّ الْقَذْفِ لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِّ الْقَذْفِ فَإِنْ أَكْذَبَ قَبْلَهُ يَنْظُرُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْإِكْذَابِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَا حَدَّ، وَلَا لِعَانَ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اعْتَرَفَ بِهِ وَمَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَشَمِلَ الْإِكْذَابَ صَرِيحًا وَضِمْنًا؛ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى الْمُلَاعِنُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُحَدُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَحَلَّ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ الْمَحْدُودِ (أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ الْمُلَاعَنَةَ بَعْدَ الْإِكْذَابِ لِارْتِفَاعِ حُكْمِ اللِّعَانِ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا حُدَّ أَوْ لَمْ يُحَدَّ فَتَقْيِيدُ الزَّيْلَعِيِّ الْحِلَّ بِالْحَدِّ اتِّفَاقِيٌّ وَكَذَا إذَا كَذَّبَتْ نَفْسَهَا فَصَدَّقَتْهُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) وَزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَجَوَابُهُ مَا دَامَا مُتَلَاعِنَيْنِ كَمَا يُقَالُ الْمُصَلِّي لَا يَتَكَلَّمُ أَيْ مَا دَامَ مُصَلِّيًا.
(وَكَذَا) يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (إنْ قَذَفَ غَيْرَهَا) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (فَحُدَّ) حَدًّا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يَتَدَاخَلُ فَبِحَدِّ قَذْفِ غَيْرِهَا سَقَطَ حَدُّ قَذْفِهَا (أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ) أَيْ زَنَتْ بَعْدَ التَّلَاعُنِ فَحُدَّتْ بِأَنْ كَانَ التَّلَاعُنُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَزَنَتْ بَعْدَ اللِّعَانِ فَكَانَ حَدُّهَا بِالْجَلْدِ دُونَ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُحْصَنَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ إحْصَانِ الرَّجُلِ الدُّخُولَ بَعْدَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَلَمْ يُوجَدْ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ قَالَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلُهُ فَحُدَّتْ وَقَعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ زِنَاهَا مِنْ غَيْرِ حَدٍّ يُسْقِطُ إحْصَانَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ قَالَ الْفَقِيهُ الْمَكِّيُّ زَنَّتْ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ نَسَبَتْ غَيْرَهَا إلَى الزِّنَا وَهُوَ الْقَذْفُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدِّ فِيهِ شَرْطًا فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ انْتَهَى. لَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute