للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَعْتَدُّ الْمُعْتَدَّةُ فِي مَنْزِلٍ يُضَافُ إلَيْهَا) بِالسُّكْنَى (وَقْتَ) وُقُوعِ (الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَإِضَافَةُ الْبُيُوتِ إلَيْهِنَّ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِهَا مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى حَتَّى لَوْ طَلُقَتْ غَائِبَةً عَادَتْ إلَى مَنْزِلِهَا فَوْرًا وَتَبِيتُ فِي أَيِّ بَيْتٍ شَاءَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الدَّارِ مَنَازِلُ لِغَيْرِهِ فَلَا تَخْرُجُ إلَى تِلْكَ الْمَنَازِلِ وَلَا إلَّا صَحْنَ دَارٍ فِيهَا مَنَازِلُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلٍ لَهُ السِّكَّةُ (إلَّا أَنْ تَخْرُجَ جَبْرًا) بِأَنْ كَانَ الْمَنْزِلُ عَارِيَّةً أَوْ مُؤَجَّرًا مُشَاهَرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدَّةً طَوِيلَةً فَلَا تَخْرُجُ (أَوْ خَافَتْ عَلَى مَالِهَا) فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ مِنْ السَّارِقِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) خَافَتْ (انْهِدَامَ الْمَنْزِلِ) وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ إنْ خَافَتْ بِالْقَلْبِ مِنْ أَمْرِ الْمَبِيتِ خَوْفًا شَدِيدًا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (أَوْ لَمْ تَقْدِرْ) الْمَرْأَةُ (عَلَى كِرَائِهِ) نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرُورَاتِ (وَلَا بَأْسَ بِكَيْنُونَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (مَعًا بِمَنْزِلٍ) وَاحِدٍ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ) أَيْ سِتْرٌ وَحِجَابٌ تَحَرُّزًا مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الزَّوْجُ (فَاسِقًا) يُخَافُ مِنْهُ (فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ الْبَيْتُ ضَيِّقًا خَرَجَتْ) ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ (وَالْأَوْلَى خُرُوجُهُ) أَيْ الزَّوْجِ إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ مُكْثَهَا فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَاجِبٌ وَمُكْثَهُ فِيهِ مُبَاحٌ وَرِعَايَةُ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ.

(وَإِنْ جَعَلَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ) وَعَلَى مَنْعِ الْوَطْءِ (فَحَسَنٌ) عَمَلًا بِالْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (وَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا) وَزَوْجُهَا (فِي سَفَرٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ مِصْرًا أَوْ مَفَازَةً بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْإِبَانَةِ؛ لِأَنَّ فِي الرَّجْعِيِّ لَمْ تُفَارِقْهُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَائِمَةٌ بَيْنَهُمَا.

(وَ) الْحَالُ أَنَّ (بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا) الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ (أَقَلُّ مِنْ مُدَّتِهِ) أَيْ مُدَّةِ السَّفَرِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ التَّأْوِيلُ فِي قَوْلِهِ فِي سَفَرٍ بِأَنْ قَصَدَهُ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ هَذَا تَدَبَّرْ.

(رَجَعَتْ) إلَى مِصْرِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِابْتِدَاءِ الْخُرُوجِ بَلْ هُوَ بِنَاءٌ.

(وَإِنْ كَانَتْ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا (مَسَافَتُهُ) أَيْ السَّفَرِ (مِنْ كُلِّ جَانِبٍ تَخَيَّرَتْ) بَيْنَ الرُّجُوعِ إلَى مِصْرِهَا وَبَيْنَ التَّوَجُّهِ إلَى مَقْصِدِهَا سَوَاءٌ كَانَ (مَعَهَا وَلِيٌّ) أَيْ مَحْرَمٌ (أَوْ لَا) فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ أَخْوَفُ مِنْ السَّفَرِ (وَالْعَوْدُ أَحْمَدُ) لِتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلِهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>