الْمُصَنِّفُ التَّصْدِيقَ دُونَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ (هُوَ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ تَبَعٌ لِلثُّبُوتِ فِي حَقِّهِمْ وَالتَّبَعُ يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْمَتْبُوعِ لَا شَرَائِطُ نَفْسِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا فِي الْفَرَائِدِ مِنْ أَنَّهُ قَالَ لَفْظٌ هُوَ الْمُخْتَارُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ تَتَبَّعْ.
(وَمَنْ نَكَحَ) امْرَأَةً (فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) مِنْ وَقْتِ تَزَوَّجَهَا (ثَبَتَ) نَسَبُهُ (مِنْهُ إنْ أَقَرَّ بِالْوِلَادَةِ أَوْ سَكَتَ) ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ وَالْمُدَّةُ تَامَّةٌ.
(وَإِنْ جَحَدَ) الْوِلَادَةَ (حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَبِشَهَادَةٍ) أَيْ فَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ (امْرَأَةٍ) وَاحِدَةٍ عَدْلَةٍ (فَإِنْ نَفَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ (لَاعَنَ) وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ اللِّعَانَ لَزِمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ النَّسَبُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الْقَائِمِ وَاللِّعَانُ إنَّمَا لَزِمَ بِالْقَذْفِ الثَّابِتِ فِي ضِمْنِ نَفْيِ الْوَلَدِ لَا بِنَفْيِ الْوَلَدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.
(وَإِنْ) أَتَتْ بِهِ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مُنْذُ تَزَوَّجَهَا (لَا يَثْبُتُ) النَّسَبُ مِنْهُ لِسَبْقِ الْعُلُوقِ عَلَى الْعَقْدِ (فَإِنْ ادَّعَتْ نِكَاحَهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَادَّعَى) الزَّوْجُ (الْأَقَلَّ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ الْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا فَإِنَّهَا تَلِدُ ظَاهِرًا مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ وَيَجِبُ أَنْ تُسْتَحْلَفَ عِنْدَهُمَا (وَعِنْدَ الْإِمَامِ بِلَا يَمِينٍ) وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ.
(وَإِنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ إذَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَتْ وَلَدْت (فَشَهِدَتْ بِهَا) أَيْ بِالْوِلَادَةِ (امْرَأَةٌ) قَابِلَةٌ عَدْلَةٌ (لَا تَطْلُقُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ حُجَّةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ وَلِأَنَّهَا لَمَّا قَبِلَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ تَقْبَلُ فِيمَا يُبْتَنَى عَلَيْهَا، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَلَهُ أَنَّهَا ادَّعَتْ الْحِنْثَ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ، وَهَذَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ ضَرُورِيَّةٌ فِي الْوِلَادَةِ فَلَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَطْلُقُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ بِامْرَأَتَيْنِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِامْرَأَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَهُمْ.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ) الزَّوْجُ (بِالْحَبَلِ) سَوَاءٌ قَبْلَ التَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُ (تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ إقْرَارٌ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ وَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْحَيْضِ (وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ) فَلَا يَقَعُ بِدُونِهَا لِدَعْوَاهَا الْحِنْثَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُجَّةٍ وَشَهَادَتُهَا حُجَّةٌ.
(وَمَنْ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا) بَعْدَ الدُّخُولِ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً (فَاشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ شِرَاهَا لَزِمَهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute