الْمَفْرُوضَةُ بِالْقَضَاءِ وَالرِّضَاءِ؛ لِأَنَّهَا صِلَةٌ سَاقِطَةٌ بِأَحَدِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ وَأَطْلَقَ الطَّلَاقَ فَشَمِلَ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّ كَمَا فِي الْمِنَحِ.
وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُسْقِطُهَا، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ الْمَفْرُوضَةَ لَا تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ وُجُوهٍ فَلْيُطَالَعْ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُعَيَّنْ بِأَحَدِهِمَا تَسْقُطُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا تَسْقُطُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) الزَّوْجَةُ (اسْتَدَانَتْ بِأَمْرِ قَاضٍ) فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَامَّةً وَاسْتِدَانَتُهَا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَاسْتِدَانَةِ الزَّوْجِ.
(وَلَوْ عَجَّلَ) أَيْ الزَّوْجُ أَوْ أَبُوهُ (لَهَا النَّفَقَةَ أَوْ الْكِسْوَةَ لِمُدَّةٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يُسْتَرَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَجَعَلَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَأَصْحَابُ الْفَتَاوَى قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالُوا الْفَتْوَى عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً أَوْ هَالِكَةً فَلَا تَرُدُّ شَيْئًا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّ عِنْدَهُ يُحْتَسَبُ لَهَا نَفَقَةُ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ لِلزَّوْجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ حَالَ الطَّلَاقِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَدَمَ فَرْقِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ فِي الْحُكْمِ.
وَفِي الْفَتْحِ الْمَوْتُ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ طَلَّقَهَا لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ.
(وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِالْإِذْنِ) أَيْ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ (فَنَفَقَتُهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (يُبَاعُ) الْعَبْدُ (فِيهِ) لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَقَدْ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمُتَوَفَّى فَتَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى أَوْ يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ فِي الصَّحِيحِ (مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أُخْرَى) فَإِذَا بِيعَ فِي دَيْنِ النَّفَقَةِ فَاشْتَرَاهُ مَنْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَرَضِيَ ظَهَرَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ ثَانِيًا، وَكَذَا حَالُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّالِثِ وَهَلُمَّ جَرًّا (وَلَا) يُبَاعُ الْعَبْدُ (فِي دَيْنِ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ النَّفَقَةِ (إلَّا مَرَّةً) فَإِنْ وَفَّى الْغُرَمَاءُ فَبِهَا وَإِلَّا طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يُبَاعُ ثَانِيًا وَثَالِثًا كَمَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَصَاحِبُ الْفَرَائِدِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سَهْوٌ فَاحِشٌ فَلَا يُبَاعُ لِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَهْرِ كَمَا هُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بِالنَّفَقَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ يُبَاعُ ثَانِيًا وَثَالِثًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الدُّيُونِ الْحَادِثَةِ بَعْدَهُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ حَادِثَةً بَعْدَ الْبَيْعِ لَا تَتَفَرَّقُ فَصَارَتْ دَيْنًا وَاحِدًا حُكْمًا بِخِلَافِ الدُّيُونِ الْحَادِثَةِ بَعْدَهُ فَافْتَرَقَا تَتَبَّعْ. قُيِّدَ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ وَوَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يُبَاعُ وَكَذَا الْمُكَاتَبُ مَا لَمْ يَعْجِزْ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَقُيِّدَ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يُبَاعُ وَقُيِّدَ بِنَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ أَوْلَادِهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] (فِي بَيْتٍ) أَيْ فِي مَكَان يَصْلُحُ مَأْوًى لِلْإِنْسَانِ حَيْثُ أَحَبَّ لَكِنْ بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute