الْأَبِ وَحْدَهُ وَالْفَرْقُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْأَبَ اجْتَمَعَتْ فِيهِ لِلصَّغِيرِ وِلَايَةٌ وَمُؤْنَةٌ حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَاخْتَصَّ بِنَفَقَتِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَبِيرُ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فِيهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَبُ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ (وَعَلَى الْمُوسِرِ) عَطْفٌ عَلَى الْأَبِ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ عَاجِزًا وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْعَاجِزِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالْعَقْدِ وَلَا تَسْقُطُ بِالْفَقْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْيَسَارِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يَمْلِكَ مَا فَضَلَ مِنْ حَاجَتِهِ مِمَّا يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا فَقَالَ (يَسَارًا يُحَرِّمُ الصَّدَقَةَ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ يَسَارُ الزَّكَاةِ وَبِهِ يُفْتَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَسَارُ الْفَاضِلِ عَنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاكْتَسَبَ لِكُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمًا وَكَفَاهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ يُنْفِقُ الْفَضْلَ.
وَفِي التُّحْفَةِ يُعْتَبَرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ كَسُوبًا وَهُوَ أَرْفَقُ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ كَسْبِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَكِنْ يُؤْمَرُ دِيَانَةً أَنْ لَا يُضَيِّعَ وَلَدَهُ (نَفَقَةُ أُصُولِهِ) أَيْ تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ أَمَّا الْأَبَوَانِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] نَزَلَتْ فِي حَقِّ الْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ أَنَّ الِابْنَ يَعِيشُ فِي نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتْرُكُهُمَا يَمُوتَانِ جُوعًا وَأَمَّا الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ فَلِأَنَّهُمْ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ لَكِنْ فِيهِ اسْتِدْرَاكٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ كَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ اقْتَصَرَ بِهَذَا لَكَانَ أَخْصَرَ، تَدَبَّرْ (الْفُقَرَاءِ) سَوَاءٌ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ لَا قِيلَ هَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ الِابْنُ الْكَاسِبُ لَا يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الْأَبِ الْكَاسِبِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا بِاعْتِبَارِ الْكَسْبِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ.
وَفِي الْفَتْحِ لَا يُجْبَرُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ إلَّا فِي الْوَالِدِ خَاصَّةً أَوْ فِي الْجَدِّ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ السَّرَخْسِيِّ وَيُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمَتْنِ.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ غِنَى الْأَبِ وَأَنْكَرَهُ الْأَبُ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ (بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ) وَلَوْ أَحَدُهُمَا فَائِقَ الْيَسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوِلَادِ وَهُوَ يَشْمَلُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْوِلَادِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عُلِّقَ فِيهِ بِالْإِرْثِ وَقِيلَ يَجِبُ بِقَدْرِ الْإِرْثِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا أَمَّا إذَا كَانَ فَاحِشًا فَيُفْرَضُ بِقَدْرِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (وَيُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ يَعْنِي فِي وُجُوبِهَا (الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ) أَيْ: النَّفَقَةُ عَلَى الْقُرْبِ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْجُزْئِيَّةِ وَعَلَى الْجُزْءِ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ (لَا) يُعْتَبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute