وَكِنَايَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ هُوَ إزَالَةُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَالطَّلَاقُ إزَالَةُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ فَيَجُوزُ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ مَجَازًا وَلَنَا أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ فَوْقَ مِلْكِ النِّكَاحِ فَكَانَ إسْقَاطُهُ أَقْوَى وَاللَّفْظُ يَصْلُحُ مَجَازًا عَمَّا هُوَ دُونَ حَقِيقَتِهِ لَا عَمَّا فَوْقَهُ فَلِهَذَا امْتَنَعَ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَاتَّسَعَ فِي عَكْسِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ: فَلَوْ قَالَ فَرْجُك عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يُرِيدُ الْعِتْقَ لَمْ تُعْتَقْ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ صَالِحٍ لَهُ فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا قُومِي وَاقْعُدِي نَاوِيًا لِلْعِتْقِ (وَكَذَا) أَيْ كَطَلَّقْتُكِ فِي الْحُكْمِ (سَائِرُ أَلْفَاظِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَاتِهِ) حَتَّى لَوْ قَالَ اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَنَوَى الْعِتْقَ لَا تُعْتَقُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ: أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ بِالنِّيَّةِ، لَكِنْ إنَّ هَذَا مِنْ كِنَايَاتِ التَّفْوِيضِ لَا مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَالْكَلَامُ فِي عَدَمِ الْعِتْقِ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ تَأَمَّلْ.
وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك وَأَرَادَ الْعِتْقَ فَأَعْتَقَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَتْ وَإِلَّا فَلَا.
وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ قَالَ أَمْرُ عِتْقِك بِيَدِك أَوْ جَعَلْت عِتْقَك فِي يَدِك أَوْ قَالَ لَهُ اخْتَرْ الْعِتْقَ أَوْ خَيَّرْتُك فِي عِتْقِك أَوْ فِي الْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ الْعِتْقَ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ الْبَاقَانِيُّ: وَفِي الْعِبَارَةِ نَوْعُ تَسَامُحٍ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ أَطْلَقْتُك وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ الْعِتْقُ إنْ نَوَى، وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى انْتَهَى لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ كِنَايَةٌ فِيهِمَا وَالْمَمْنُوعُ اسْتِعَارَةُ مَا كَانَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً تَدَبَّرْ
(وَلَوْ قَالَ أَنْتَ لِلَّهِ) أَوْ إنَّك لِلَّهِ (لَا يُعْتَقُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي مَقَالِهِ إذْ كُلُّ مَخْلُوقٍ لِلَّهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عِنْدَهُمَا إذَا نَوَى؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتَ خَالِصٌ لِلَّهِ وَذَا بِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ عَنْهُ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك.
(وَلَوْ قَالَ) لِلْأَصْغَرِ أَوْ الْأَكْبَرِ سِنًّا (هَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي عَتَقَ بِلَا نِيَّةٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَكَذَا) أَيْ يُعْتَقُ بِلَا نِيَّةٍ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ (هَذِهِ أُمِّي) ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إنْ كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ وَهُوَ مَجْهُولُ النَّسَبِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ مَجَازًا عَنْ الْحُرِّيَّةِ وَيُعْتَقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مُتَعَيَّنٌ وَلَوْ كَانَ كِنَايَةً لَاحْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (لَا يُعْتَقُ إنْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ أَوْ أَبًا لَهُ أَوْ أُمًّا) ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute