فَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الَّذِي لَزَمَنِي بِقَوْلِي أَحَدُكُمَا حُرٌّ صُدِّقَ قَضَاءً كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مُسْلَمَتَيْنِ) إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ إنْ قَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ دَبَّرَ إحْدَى أَمَتَيْهِ بَعْدَ الْقَوْلِ فَكُلٌّ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَيَانٌ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْآخَرُ، فَإِنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ الْإِنْشَاءُ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ أَصْلًا بِالْمَوْتِ وَلِلْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ بِالْبَيْعِ، وَلِلْعِتْقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَالْهِبَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ قَيْدُ التَّسْلِيمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ الْمُسَاوَمَةَ إذَا كَانَتْ بَيَانًا فَهَذِهِ أَوْلَى بِلَا قَبْضٍ، بَلْ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَقُيِّدَ بِالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي النَّسَبِ الْمُبْهَمِ وَأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ الْمُبْهَمَةِ لَا يَكُونُ بَيَانًا كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَالْوَطْءُ) لِأَحَدِهِمَا (لَيْسَ بِبَيَانٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ عِنْدَ الْإِمَامِ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ الْعُلُوقُ أَمَّا إذَا حَصَلَ عَتَقَتْ الْأُخْرَى بِالِاتِّفَاقِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا هُوَ بَيَانٌ فَيُعْتِقُ الْأُخْرَى وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ وَإِحْدَاهُمَا حُرٌّ فَكَانَ بِالْوَطْءِ مُسْتَبْقِيًا الْمِلْكَ فِي الْمَوْطُوءَةِ فَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِزَوَالِهِ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِي الْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمُنْكِرَةِ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فَكَانَ وَطْؤُهَا حَلَالًا فَلَا يُجْعَلُ بَيَانًا وَلِهَذَا حَلَّ وَطْؤُهُمَا عَلَى مَذْهَبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُهُمَا وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ نَاظِرٌ إلَى الِاحْتِيَاطِ فِي أَكْثَرِ الْمَسَائِلِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ تَأَمَّلْ. وَقُيِّدَ بِالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ بِالتَّدْبِيرِ الْمُبْهَمِ لَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ التَّقْبِيلَ وَالْمُعَانَقَةَ وَالنَّظَرَ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ لَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْأَوْلَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ بَيَانٌ، وَأَمَّا الِاسْتِخْدَامُ وَلَوْ كُرْهًا فَلَا يَكُونُ بَيَانًا بِالْإِجْمَاعِ (وَفِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ هُوَ) أَيْ الْوَطْءُ.
وَفِي الْفَتْحِ قَالَ الْكَرْخِيُّ يَحْصُلُ بِالتَّقْبِيلِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ (وَالْمَوْتُ بَيَانٌ) فَمَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ وَقَالَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَوْ إحْدَاهُمَا طَالِقٌ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا أَوْ مَاتَتْ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ هِيَ الْأُخْرَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا مَا فِي الرَّجْعِيِّ، فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ بَيَانًا لِطَلَاقِ الْأُخْرَى فَحَلَّ وَطْءُ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَهُ بِبَائِنٍ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ قَالَ لِأَمَتِهِ) إنْ كَانَ (أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى وَلَمْ يَدْرِ أَوَّلَهُمَا فَالذَّكَرُ رَقِيقٌ وَيُعْتَقُ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ الْأُمِّ وَالْأُنْثَى) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ
أَحَدُهَا أَنْ يُوجَدَ التَّصَادُقُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَوْلُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute