للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ بِالْقَبُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إعْتَاقِ الْوَارِثِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ

فَإِنْ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ حُكْمًا لِكَلَامِ صَدَرَ مِنْ الْأَهْلِ مُضَافًا إلَى الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْإِعْتَاقِ، وَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ فَإِذَا لَمْ يُعْتَقْ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْوَفَاةِ إلَّا بِإِعْتَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا بَعْدَ الْوَفَاةِ أَيْضًا فَلَا يَبْقَى فَائِدَةٌ لِقَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قُلْت أُجِيبَ عَنْهُ أَنَّ الْعِتْقَ الْحُكْمِيَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَهُ وَهُنَا قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمُعْتِقِ وَبَقِيَ لِلْوَارِثِ، وَمَتَى خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقَعُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ، فَمَا ظَنُّك عِنْدَ عَدَمِهَا، وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الْقَبُولُ لَمْ يَصِحَّ إعْتَاقُ الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي لِعَدَمِ الْمِلْكِ لَهُمَا وَلَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ الْإِعْتَاقُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا فَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يُعْتَقُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إعْتَاقِ أَحَدٍ وَصُحِّحَ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِالْقَبُولِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ: لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ بَعْدَ مَوْتِي أَنَّ الْقَبُولَ فِيهِ لِلْحَالِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يُؤَخِّرَ ذِكْرَ الْمَالِ أَوْ يُقَدِّمَهُ تَأَمَّلْ. وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ أَنْتَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَلْفٍ فَالْقَبُولُ فِيهِ لِلْحَالِ فَإِذَا قَبِلَ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا.

(وَلَوْ حَرَّرَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ سَنَةً فَقَبِلَ) الْعَبْدُ (عَتَقَ) مِنْ سَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ عَلَى عِوَضٍ وَالْعِتْقُ عَلَى عِوَضٍ يَقَعُ بِالْقَبُولِ قَبْلَ الْأَدَاءِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ) الْمُعَيَّنَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْخِدْمَةِ الْخِدْمَةُ الْمَعْرُوفَةُ بَيْنَ النَّاسِ، قُيِّدَ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَرَّرَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُدَّةٍ عَتَقَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مَجْهُولَةٌ، وَقُيِّدَ بِعَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ إنْ خَدَمْتنِي سَنَةً لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدُمَهُ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ إتْمَامِهَا؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ خَدَمَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَعْطَاهُ مَالًا عَنْ خِدْمَتِهِ لَا يُعْتَقُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ خَدَمْتنِي وَأَوْلَادِي سَنَةً فَمَاتَ بَعْضُ الْأَوْلَادِ لَا يُعْتَقُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ كَلِمَةَ إنْ لِلتَّعْلِيقِ وَعَلَى لِلْمُعَاوَضَةِ (فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى) أَوْ الْعَبْدُ، (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْخِدْمَةِ (لَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ) وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْعَبْدُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَزُفَرَ (قِيمَةُ خِدْمَتِهِ) وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ، وَفَصَّلَ الزَّيْلَعِيُّ كُلَّ التَّفْصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ. وَقُيِّدَ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَدَمَ بَعْضَ الْمُدَّةِ كَسَنَةٍ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ فَعَلَى قَوْلِهِمَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَفِي الْحَاوِي: وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ نَأْخُذُ.

(وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ بِعَيْنٍ فَهَلَكَتْ) الْعَيْنُ (قَبْلَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْعَبْدَ (قِيمَةُ نَفْسِهِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قِيمَةُ الْعَيْنِ) الْخِلَافِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>