للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْءٍ انْتَهَى. فَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ هُوَ تَعْلِيقُ الْمَوْلَى عَتَقَ مَمْلُوكُهُ بِالْمَوْتِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُ غَيْرِهِ مُخَالِفًا تَأَمَّلْ. وَهُوَ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (الْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ مَنْ قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (يَوْمَ أَمُوتُ) ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا، وَلَوْ نَوَى بِالْيَوْمِ النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَيَّدٌ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِهِ نَهَارًا، وَلَهُ بَيْعُهُ (أَوْ مَعَ مَوْتِي) ؛ لِأَنَّ اقْتِرَانَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ مَعَهُ (أَوْ عِنْدَ مَوْتِي أَوْ فِي مَوْتِي) فَإِنَّهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ أَوَّلًا، وَفِي تُسْتَعَارُ بِمَعْنَى حَرْفِ الشَّرْطِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ تَبَعًا لِلْمُحِيطِ أَنَّ حَرْفَ الظَّرْفِ إذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ يَصِيرُ شَرْطًا تَسَامُحٌ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ وَالْحَدَثُ كَالْمَوْتِ فَلَوْ قَالَ إنْ حَدَثَ لِي حَادِثٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَكَانَ الْمَوْتِ أَوْ الْوَفَاةِ أَوْ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ (أَوْ) أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ قَدْ دَبَّرْتُك (أَوْ إنْ مِتّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ) أَيْ إنْ مِتّ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ (وَغَلَبَ مَوْتُهُ فِيهَا) بِأَنْ يَكُونَ ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ فِي الصُّورَةِ مُقَيَّدٌ وَفِي الْمَعْنَى مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ يَمُوتَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَا لَا يَعِيشُ إلَيْهِ الْمَوْلَى فِي الْغَالِبِ كَالتَّعْلِيقِ بِنَفْسِ مَوْتِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ (أَوْ) قَالَ (أَوْصَيْت لَك بِنَفْسِك أَوْ) قَالَ أَوْصَيْت لَك (بِرَقَبَتِك) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ نَفْسِهِ وَالْوَصِيَّةُ تَقْتَضِي زَوَالَ مِلْكِ الْمُوصِي وَانْتِقَالَهُ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَأَنَّهُ فِي الْعَبْدِ حُرِّيَّةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ بِعْت نَفْسَك مِنْك أَوْ وَهَبْتهَا لَك (أَوْ) قَالَ أَوْصَيْت لَك (بِثُلُثِ مَالِي) ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مِلْكُهُ ثُلُثَ جَمِيعِ مَالِهِ، وَرَقَبَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَيَمْلِكُهَا فَيُعْتَقُ، وَكَذَلِكَ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ السُّدُسِ وَلَوْ قَالَ بِجُزْئِهِ مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ تَدْبِيرًا؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ جُزْءٍ مُبْهَمٍ وَالتَّعْيِينُ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَا يَكُونُ رَقَبَتُهُ دَاخِلَةً فِي الْوَصِيَّةِ لَا مَحَالَةَ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ) بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ (إلَّا بِالْعِتْقِ) وَالْكِتَابَةِ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُرْهَنُ وَلَا يُورَثُ وَلَا يُجْعَلُ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ التَّمْلِيكِيَّةِ كَالْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ (وَيَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُ وَكِتَابَتُهُ وَإِيجَازُهُ وَالْأَمَةُ) الَّتِي جُعِلَتْ مُدَبَّرَةً (تُوطَأُ وَتُزَوَّجُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمَوْلَى ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا جَبْرًا عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُدَبَّرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَفِي، التَّنْوِيرِ وَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِكَسْبِهِ مِنْ وَارِثِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>