لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ، لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ فَقَدْ أَذِنْت لَك، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي غَيْرِ إذْنِي وَكَذَا فِي إلَّا بِرِضَائِي أَوْ إرَادَتِي أَوْ أَمْرِي، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بِلَا فَهْمٍ لِكَوْنِهَا نَائِمَةً أَوْ عَجَمِيَّةً فَلَيْسَ بِإِذْنٍ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَفِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا بِوُقُوعِ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ غَالِبٍ فِيهَا (وَفِي إلَّا إنْ) أَيْ حَتَّى (أَذِنَ يَكْفِي الْإِذْنُ مَرَّةً) فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ بَعْدَمَا خَرَجَتْ بِإِذْنٍ مَرَّةً؛ لِأَنَّ إلَّا إنْ لِلْغَايَةِ فَتَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهِ.
وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ سُؤَالٌ وَجَوَابٌ فَلْيُطَالَعْ (وَفِي لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ (مَتَى شَاءَتْ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ خَرَجْتِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَذِنْتُ لَك أَنْ تَخْرُجِي كُلَّمَا شِئْت (ثُمَّ نَهَاهَا) عَنْ الْخُرُوجِ (فَخَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّ نَهْيَهُ بَعْدَ إذْنِهِ الْعَامِّ لَا يُفِيدُ لِارْتِفَاعِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْإِذْنِ الْعَامِّ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً، ثُمَّ نَهَاهَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ اتِّفَاقًا فَكَذَا بَعْدَ الْإِذْنِ الْعَامِّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا هُوَ دَأْبُهُ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ أَرَادَتْ) الْمَرْأَةُ (الْخُرُوجَ فَقَالَ) الزَّوْجُ (إنْ خَرَجْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) أَرَادَتْ (ضَرْبَ الْعَبْدِ فَقَالَ إنْ ضَرَبْت) فَعَبْدُهُ حُرٌّ (تَقَيَّدَ الْحِنْثُ بِالْفِعْلِ فَوْرًا) أَيْ تَقَيَّدَ يَمِينُهُ بِتِلْكَ الْخُرْجَةِ، وَالضَّرْبَةِ (فَلَوْ لَبِثَتْ) سَاعَةً (ثُمَّ فَعَلَتْ) أَيْ خَرَجَتْ أَوْ ضَرَبَتْ (لَا يَحْنَثُ) الْحَالِفُ وَهَذِهِ يَمِينُ الْفَوْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَارَتْ الْقِدْرُ إذَا غَلَتْ فَاسْتُعِيرَ لِلسُّرْعَةِ، ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ الْحَالَةُ الَّتِي لَا لُبْثَ فِيهَا وَتَفَرَّدَ الْإِمَامُ بِإِظْهَارِهَا وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ فِيهِ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَقُولُونَ الْيَمِينُ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ كَلَا يَفْعَلُ كَذَا وَمُوَقَّتَةٌ كَلَا تَفْعَلُ كَذَا الْيَوْمَ فَخَرَّجَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهِيَ الْمُوَقَّتَةُ مَعْنًى الْمُطْلَقَةُ لَفْظًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ أَوْ لَمْ أَذْهَبْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَنَوَى الْخُرُوجَ، وَالذَّهَابَ دُونَ السُّكْنَى، وَالْفَوْرِ لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّوَقُّفِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى السُّكْنَى أَوْ الْفَوْرَ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ حَنِثَ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِيَيْنِ.
(قَالَ لِآخَرَ اجْلِسْ فَتَغَدَّ مَعِي فَقَالَ إنْ تَغَدَّيْت فَكَذَا) أَيْ فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا (لَا يَحْنَثُ بِالتَّغَدِّي لَا مَعَهُ) أَيْ بِدُونِهِ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ الزَّجْرُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْحَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُطْلَقِ الْغَدَاءِ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ غَدَاءٍ (إلَّا أَنْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ) أَوْ مَعَك فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَغَدَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ مَعَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً.
(وَفِي لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ) أَيْ حَلَفَ عَلَيْهِ (فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ لَهُ) أَيْ لِفُلَانٍ (مَأْذُونٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ نَوَاهُ) أَيْ مَرْكَبَ مَأْذُونٍ (وَهُوَ) الْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ (غَيْرُ مُسْتَغْرَقٍ بِالدَّيْنِ) فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ مَرْكَبَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute