للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ لَا فَشَمِلَ مَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ بِالْعَرُوضِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَسْوَدَ فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا أَبْيَضَ، ثُمَّ أَسْوَدَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ عَبْدًا وَنِصْفَ عَبْدٍ عَتَقَ الْكَامِلُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فَلْيُرَاجَعْ.

(وَلَوْ قَالَ آخِرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ) فَهُوَ حُرٌّ (فَمَاتَ) الْمَالِكُ (بَعْدَ مِلْكِ عَبْدٍ وَاحِدٍ لَا يُعْتَقُ) هَذَا الْعَبْدُ إذْ الْآخِرُ اسْمٌ لِفَرْدٍ لَاحِقٍ.

(وَلَوْ) مَاتَ (بَعْدَ مِلْكِ عَبْدَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ عَتَقَ الْآخِرُ) لِاتِّصَافِهِ بِالْآخِرِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَهُ سَابِقًا، وَهَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (مُنْذُ) أَيْ حِينَ (مَلَكَهُ) ، وَهُوَ وَقْتُ الشِّرَاءِ (مِنْ كُلِّ مَالِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ يَوْمَ الشِّرَاءِ إذْ لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَكُونُ الْعِتْقُ مِنْ الثُّلُثِ بِلَا خِلَافٍ فَبِهَذَا لَوْ قَيَّدَهُ بِالصِّحَّةِ لَكَانَ أَوْلَى (وَعِنْدَهُمَا) ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يُعْتَقُ عِنْدَ مَوْتِهِ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِتَحَقُّقِ الْآخِرِيَّةِ (وَعَلَى هَذَا) الْخِلَافِ إذَا قَالَ (آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا) يَقَعُ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا (فَلَا تَرِثُ) عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَصِيرُ فَارًّا؛ لِأَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بِلَا حِدَادٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا مَهْرٌ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَنِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَيَصِيرُ فَارًّا وَتَرِثُ وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ وَتَعْتَدُّ مَعَ الْحِدَادِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِدَّةُ الْفِرَاقِ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ تُسْتَكْمَلُ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ كَمَا فِي مَبْسُوطِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ.

(وَفِي كُلِّ عَبْدٍ بَشَّرَنِي بِكَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرَهُ ثَلَاثَةٌ مُتَفَرِّقُونَ عَتَقَ الْأَوَّلُ) ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ اسْمٌ لِخَبَرٍ يُغَيِّرُ بَشَرَةَ الْوَجْهِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ سَارًّا فِي الْعُرْفِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْأَوَّلِ (وَإِنْ بَشَّرُوهُ مَعًا عَتَقُوا) ؛ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ تَحَقَّقَتْ مِنْ الْكُلِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١٠١] .

(وَلَوْ قَالَ مَنْ أَخْبَرَنِي) مَكَانَ بَشَّرَنِي (عَتَقُوا فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي التَّفَرُّقِ، وَالْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ عِلْمُهُ لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا كَالْبِشَارَةِ بِخِلَافِ مَنْ أَخْبَرَنِي أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَكَذَا فَأَخْبَرَهُ وَاحِدٌ كَذِبًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ، وَالصِّدْقِ وَلَا فَرْقَ فِي الْبِشَارَةِ بَيْنَ الْبَاءِ وَعَدَمِهَا بِخِلَافِ الْخَبَرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ الْعَبْدُ عَتَقَ فِي الْبِشَارَةِ، وَالْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ، وَالْمُرَاسِلَةَ تُسَمَّى بِشَارَةً، وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَدِيثِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُشَافَهَةِ وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا لَهُ أَرْسَلَ عَبْدًا آخَرَ بِبِشَارَتِهِ فَإِنْ أَضَافَ إلَى الْمُرْسِلِ عَتَقَ وَإِلَّا فَالرَّسُولُ.

(وَلَوْ نَوَى كَفَّارَتَهُ بِشِرَاءِ أَبِيهِ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَتَقْيِيدُهُ بِالْأَبِ اتِّفَاقِيٌّ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بِشِرَاءِ كُلِّ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ (سَقَطَتْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجْزِيهِ عَنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوَّلًا لَا، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ النِّيَّةَ إنْ قَارَنَتْ عِلَّةَ الْعِتْقِ، وَالْحَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>