وَالْقَرْضُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَالِاسْتِعَارَةُ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُعِيرُ ثَوْبَهُ مِنْ فُلَانٍ فَبَعَثَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَكِيلًا لِقَبْضِ الْمُسْتَعَارِ فَأَعَارَهُ حَنِثَ عِنْدَ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ رَسُولٌ، وَهَذَا إذَا أَخْرَجَ الْوَكِيلُ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ فَقَالَا إنَّ فُلَانًا يَسْتَعِيرُ مِنْك كَذَا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يُعِيرَهُ شَيْئًا، ثُمَّ رَدَفَهُ عَلَى دَابَّتِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ، وَالْكِسْوَةُ، وَالْحَمْلُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ) خَاصَّةً فِي ضَرْبِ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ (يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ حِسِّيَّةٌ تُعْرَفُ بِأَثَرِهَا، وَهُوَ التَّأَلُّمُ فِي ضَرْبِ الْعَبْدِ وَانْقِطَاعُ الْعُرُوقِ فِي الذَّبْحِ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الْبَوَاقِي، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْآمِرِ بِالتَّسَبُّبِ مَجَازٌ فَإِذَا نَوَى الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَرْبِ الْعَبْدِ وَضَرْبِ الْوَلَدِ أَنَّ مُعْظَمَ مَنْفَعَةِ ضَرْبِ الْوَلَدِ عَائِدَةٌ إلَى الْوَلَدِ، وَهُوَ التَّأْدِيبُ فَلَمْ يُنْسَبُ فِعْلُهُ إلَى الْآمِرِ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَنْفَعَتَهُ وَهِيَ الِائْتِمَارُ بِأَمْرِ الْمَوْلَى عَائِدَةٌ إلَى الْمَوْلَى فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِالْوَلَدِ الْكَبِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ضَرْبَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ حُرًّا أَجْنَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ ذَا سُلْطَانٍ وَأَمَّا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ فَكَالْعَبْدِ حَتَّى لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ (وَفِي لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ) فُضُولِيٌّ (فَأَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ (وَبِالْفِعْلِ) أَيْ لَوْ جَازَ بِالْفِعْلِ كَإِعْطَاءِ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ (لَا يَحْنَثُ) هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ تَخْتَصُّ بِالْأَقْوَالِ، فَلَا يَكُونُ فِعْلُهُ عَقْدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ رِضًى وَشَرْطُ الْحِنْثِ الْعَقْدُ لَا الرِّضَى وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَأَفْتَى بِهِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَيْسَتْ بِإِنْشَاءٍ لِلْعَقْدِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا تَنْفِيذٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ بِالرِّضَا بِهِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَا يَحْنَثُ بِالْقَوْلِ أَيْضًا وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَكَذَا فَأَجَازَ نِكَاحَ فُضُولِيٍّ بِالْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ وَمِثْلُهُ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ وَلَوْ بِالْفِعْلِ فَلَا مَخْلَصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُ الْمُزَوَّجَةِ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ (وَفِي لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ، وَالْإِجَازَةِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضَافٌ إلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرَادَتِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ.
(وَكَذَا) أَيْ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ، وَالْإِجَازَةِ (فِي ابْنِهِ وَبِنْتِهِ الصَّغِيرَيْنِ) لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا (وَفِي الْكَبِيرَيْنِ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي الْمُبَاشَرَةِ) لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْفِعْلِ.
وَفِي الْبَحْرِ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ فَزَوَّجَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَجَازَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُجِيزِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ ابْنًا لَهُ كَبِيرًا فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ، ثُمَّ بَلَغَ الِابْنَ الْخَبَرُ فَأَجَازَ أَوْ زَوَّجَهُ رَجُلٌ فَأَجَازَ الْأَبُ وَرَضِيَ الِابْنُ لَمْ يَحْنَثْ (وَدُخُولُ اللَّامِ) كَلَامٌ إضَافِيٌّ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ يَقْتَضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute