فَلَوْ حَلَفَ لَأَضْرِبَنَّ مِائَةَ سَوْطٍ بَرَّ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ وَصَلَ إلَى بَدَنِهِ كُلُّ سَوْطٍ بِشَرْطِ الْإِيلَامِ وَأَمَّا عَدَمُهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا وَكَذَا الْكِسْوَةُ إذْ يُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ السَّتْرَ وَكَذَا الْكَلَامُ، وَالدُّخُولُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ الْإِفْهَامُ، وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ زِيَارَتُهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يُزَارُ قَبْرُهُ لَا هُوَ وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَنِثَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا أَوْ لَا يُقَبِّلُهَا فَوَطْأَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ (بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَالْحَمْلِ، وَالْمَسِّ) لِتَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَيِّتِ (وَفِي) حَلَفَ (لَا يَضْرِبُهَا فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ) لِتَحَقُّقِ الْإِيلَامِ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْفَارِسِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي حَالَةِ الْغَصْبِ أَوْ الْمُزَاحِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي حَالَةِ الْمُزَاحِ فَلِهَذَا لَوْ أَصَابَ رَأْسُهُ أَنْفَهَا فِي الْمُلَاعَبَةِ فَأَدْمَاهَا لَا يَحْنَثُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي الضَّرْبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَ أَمَتَهُ فَأَصَابَهَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَنْ تَعَمَّدَ غَيْرَهَا وَأَصَابَهَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ.
حَلَفَ (لَيَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبْكِيَ أَوْ يَبُولَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا حَقِيقَةً.
وَفِي التَّنْوِيرِ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهُوَ عَلَى الْكَثْرَةِ حَلَفَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ زَيْدًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ الْحَالِفُ بِمَوْتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا حَلَفَ لَأَقْتُلُ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ وَمَاتَ بِهَا حَنِثَ وَبِعَكْسِهِ لَا وَفِي حَلِفِهِ.
(لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ قَرِيبًا فَمَا دُونَ الشَّهْرِ قَرِيبٌ، وَالشَّهْرُ بَعِيدٌ) فَلَوْ قَضَى تَمَامَ الشَّهْرِ حَنِثَ وَقَبْلَهُ بَرَّ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ بَعِيدًا وَمَا دُونَهُ يُعَدُّ قَرِيبًا وَلِذَا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَفْظُ السَّرِيعِ كَالْقَرِيبِ وَلَفْظُ الْأَجَلِ كَالْبَعِيدِ وَإِنْ نَوَى مُدَّةً فِيهِمَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مَلِيًّا أَوْ طَوِيلًا إنْ نَوَى شَيْئًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَعَلَى شَهْرٍ وَيَوْمٍ وَفِي حَلِفِهِ (لَيَقْضِيَنَّهُ) أَيْ دَيْنَهُ (الْيَوْمَ فَقَضَاهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِ غَيْرِهِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ وَقَبْضِ الْمُحْتَالِ فَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَبَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُعْطِيَ وَلَمْ يَقْبَلْ لَكِنَّهُ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَاوُلُ يَدِهِ لَوْ أَرَادَ قَبْضَهُ وَإِلَّا لَا يَبَرُّ وَلَوْ كَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى أَمَّا الْحَالِفُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ بَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ انْتَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ نَظَرًا لِلْحَالِفِ (زُيُوفًا) يَبَرُّ بِالضَّمِّ مَصْدَرُ زَافَتْ الدَّرَاهِمُ زَيْفًا أَيْ صَارَتْ مَرْدُودَةً لِلْغِشِّ (أَوْ نَبَهْرَجَةٌ) لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ نَبْهَرُ وَهِيَ، وَالزَّيْفُ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَفِضَّتُهُمَا غَالِبَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّيْفَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ بِخِلَافِ النَّبَهْرَجَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا التُّجَّارُ أَيْضًا (أَوْ مُسْتَحَقَّةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مُسْتَحِقًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute