فَيَعُمُّ الْجِنْسَ كُلَّهُ ضَرُورَةَ شُيُوعِهِ (وَفِي لَيَفْعَلَنهُ يَكْفِي فِعْلُهُ مَرَّةً) ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ فِعْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَيَخُصُّ وَيَحْنَثُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فِي عُمُرِهِ.
وَفِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَيَفُوتُ مَحَلُّ الْفِعْلِ هَذَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَإِنْ كَانَتْ مُوَقَّتَةً وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ يَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْإِمْكَانُ بَاقِيًا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَا.
(حَلَّفَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (وَالٍ) أَيْ حَلَّفَهُ مَالِكُ أَمْرِ بَلَدٍ رَجُلًا (لَيُعْلِمَنهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ فَاسِقٍ خَبِيثٍ مُفْسِدٍ أَتَى بِالْبَلَدِ (تُقَيَّدُ) الْيَمِينُ (بِحَالِ وِلَايَتِهِ) بِالْكَسْرِ أَيْ بِزَمَانِ تَسَلُّطِهِ هَذَا عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَامِ دَفْعُ شَرِّ الدَّاعِرِ وَغَيْرِهِ بِزَجْرِهِ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْوِلَايَةِ، وَالزَّوَالُ بِالْمَوْتِ وَكَذَا بِالْعَزْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَمْ يَجِبْ الْإِعْلَامُ لَوْ عَادَ إلَى الْوِلَايَةِ كَمَا لَمْ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَقَدْ حَنِثَ.
وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ حَكَمَ بِانْعِقَادِ هَذِهِ لِلْفَوْرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَظَرًا إلَى الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ لِزَجْرِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ فَالدَّاعِي يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ وَفَوْرُ عِلْمِهِ بِهِ.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ حَلَّفَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ أَوْ الْكَفِيلَ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ تُقَيَّدُ بِالْخُرُوجِ حَالَ قِيَامِ الدَّيْنِ، وَالْكَفَالَةِ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَيَهَبَنهُ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ بَرَّ) الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَكَذَا الْقَرْضُ، وَالْعَارِيَّةُ، وَالصَّدَقَةُ) ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْإِقْرَارُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) وَنَظِيرُهُ الْإِجَارَةُ، وَالصَّرْفُ، وَالسَّلَمُ، وَالرَّهْنُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَنَظَائِرَهَا تَبَرُّعٌ فَيَتِمُّ بِالْمُتَبَرِّعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةً فَاقْتَضَى الْعِوَضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى مَا لَا سَاقَ لَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِشَمِّ الْوَرْدِ، وَالْيَاسَمِينَ) قَصْدًا؛ لِأَنَّ الرِّيحَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرَقِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَقِيلَ اسْمٌ لِمَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ الْوَرْدُ، وَالْيَاسَمِينُ مِنْهُ وَقَيَّدْنَا بِالْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ رِيحَهُ بِلَا قَصْدٍ وَوَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِشَمِّهِمَا فِي حَلِفِهِ لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ اسْمٌ لِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ مِنْ النَّبَاتِ عُرْفًا فَيَحْنَثُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَشُمُّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى وَرَقَةٍ) دُونَ الدُّهْنِ فِي عُرْفِنَا كَمَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ أَيْضًا لِعُمُومِ الْمَجَازِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَكَانَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بَائِعُ الْوَرَقِ لَا يُسَمَّى بِالْبَنَفْسَجِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَائِعَ الدُّهْنِ، ثُمَّ صَارَ كَمَا يُسَمَّى بِهِ فِي أَيَّامِ الْكَرْخِيِّ فَقَالَ بِهِ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ إلَّا عَلَى نَفْسِ النَّبَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّهْنِ أَصْلًا كَمَا فِي الْوَرْدِ، وَالْحِنَّاءِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى شِرَائِهِمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَرَقِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمٌ لِلْوَرَقِ، وَالْعُرْفُ يُقَرِّرُ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْبَنَفْسَجِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ وَفِي الْبَنَفْسَجِ وَلَوْ رُدَّ يُعْتَبَرُ عُرْفُ بَلَدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ تَأَمَّلْ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ تَنَاوَلَ الْمِلْكَ، وَالْإِجَارَةَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute