الْحَطِيمِ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحَطِيمُ مِنْ الْبَيْتِ» وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْجَفَافِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِفَّ لَا تَطْهُرُ إلَّا إذَا صَبَّ عَلَيْهَا مَاءً بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ فَتَطْهُرُ وَإِنَّمَا قَالَ بِالْجَفَافِ وَلَمْ يَقُلْ بِالْيُبْسِ؛ لِأَنَّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَفَافِ، وَالْمُعْتَبَرُ هَا هُنَا الْجَفَافُ.
(وَكَذَا الْآجُرُّ الْمَفْرُوشُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْأَرْضِ (وَالْخُصُّ الْمَنْصُوبُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْبَيْتُ مِنْ قَصَبٍ وَالْمُرَادُ هَا هُنَا السُّتْرَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَى السُّطُوحِ مِنْ الْقَصَبِ وَتَقْيِيدُ الْخُصِّ بِالْمَنْصُوبِ كَتَقْيِيدِ الْآجُرِّ بِالْمَفْرُوشِ.
(وَالشَّجَرُ وَالْكَلَأُ غَيْرُ الْمَقْطُوعِ هُوَ الْمُخْتَارُ) رَاجِعٌ إلَى الْآخَرَيْنِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا مُقَيَّدَيْنِ بِقَيْدِ غَيْرِ الْمَقْطُوعِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْإِصْلَاحِ وَالْخَانِيَّةِ كَمَا تَوَهَّمَ الْبَعْضُ.
(وَالْمُنْفَصِلُ) مِنْ الْأَوَّلَيْنِ (وَالْمَقْطُوعُ) مِنْ الْأَخِيرَيْنِ (لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ) .
وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْجِصُّ بِالْجِيمِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَرْضِ بِخِلَافِ اللَّبِنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْأَرْضِ.
(وَطَهَارَةُ الْمَرْئِيِّ بِزَوَالِ عَيْنِهِ) النَّجَاسَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مَرْئِيَّةٌ، وَغَيْرُ مَرْئِيَّةٍ وَطَهَارَةُ الْأُولَى بِزَوَالِ عَيْنِهَا لِأَنَّ تَنَجُّسَ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِاتِّصَالِ النَّجَاسَةِ بِهِ فَإِزَالَتُهَا، وَلَوْ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ تَطْهِيرٌ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا يَطْهُرُ مَا لَمْ يَغْسِلْهُ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ صَارَتْ كَنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ غُسِلَتْ مَرَّةً بَلْ؛ لِأَنَّ الْمَرْئِيَّ لَا يَخْلُو عَنْ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ فَإِنَّ الرُّطُوبَةَ الَّتِي اتَّصَلَتْ بِالثَّوْبِ لَا تَكُونُ مَرْئِيَّةً، وَغَيْرُ الْمَرْئِيِّ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَهَذَا أَحْوَطُ، وَالْأَوَّلُ أَوْفَقُ.
(وَيُعْفَى أَثَرٌ شَقَّ زَوَالُهُ) بِأَنْ يَحْتَاجَ فِي إخْرَاجِهِ إلَى نَحْوِ الصَّابُونِ.
(وَ) يَطْهُرُ (غَيْرُ الْمَرْئِيِّ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَا لَيْسَ بِمَرْئِيٍّ فَطَهَارَتُهُ أَنْ يَغْسِلَ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الْغَاسِلِ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلِاسْتِخْرَاجِ، وَلَا يُقْطَعُ بِزَوَالِهِ فَاعْتُبِرَ غَالِبُ الظَّنِّ كَمَا فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الظَّنِّ يَحْصُلُ عِنْدَهُ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ مَقَامَهُ تَيْسِيرًا.
وَفِي الْمَطْلَبِ: وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ تَحْصُلُ عِنْدَهُ غَالِبًا وَلِحَدِيثِ الْمُسْتَيْقِظِ انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْغَسْلِ ثَلَاثًا عِنْدَ تَوَهُّمِ النَّجَاسَةِ فَعِنْدَ التَّحَقُّقِ يَنْبَغِي الزِّيَادَةُ احْتِيَاطًا عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْحَدِيثِ تَنْزِيهِيٌّ لَا تَحْرِيمِيٌّ بِدَلَالَةِ التَّعْلِيلِ وَلِذَلِكَ قِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ لِلْمُصَلِّي (أَوْ سَبْعًا) هَذَا عِبَارَةُ صَاحِبِ الْمُخْتَارِ وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ لِقَطْعِ الْوَسْوَسَةِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ ضَعْفُ مَا قِيلَ: ذِكْرُ السَّبْعِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (وَالْعَصْرُ كُلُّ مَرَّةٍ إنْ أَمْكَنَ عَصْرُهُ) وَيُبَالِغُ فِي الثَّالِثِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ الْقَطْرُ وَالْمُعْتَبَرُ عَصْرُ الْغَاسِلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ إذَا غَسَلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَعَصَرَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ يَطْهُرُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مَرَّةً.
(وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْعَصْرُ كَالْحَصِيرِ وَنَحْوِهِ (فَيَطْهُرُ بِالتَّجْفِيفِ، كُلُّ مَرَّةٍ يَنْقَطِعُ التَّقَاطُرُ) وَلَا يُشْتَرَطُ الْيُبْسُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُنْتَفِخَةً وَاللَّحْمُ