وَلَا بَيْنَ جَلْدٍ وَنَفْيٍ إذَا رَأَى الْإِمَامُ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ فَيُعَزِّرُ بِهِ قَدْرَ مَا يَرَى؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَفَى غُلَامًا صَبِيحَ الْوَجْهِ اُفْتُتِنَ بِهِ النِّسَاءُ، وَالْحُسْنُ لَا يُوجِبُ النَّفْيَ إلَّا أَنَّهُ فَعَلَهُ سِيَاسَةً لَا حَدًّا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السِّيَاسَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالزِّنَاءِ، بَلْ تَكُونُ فِي كُلِّ جِنَايَةٍ الرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَفَسَّرَ التَّغْرِيبَ فِي النِّهَايَةِ بِالْحَبْسِ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَسْكَنُ لِلْفِتْنَةِ مِنْ نَفْيِهِ إلَى إقْلِيمٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّفْيِ يَعُودُ مُفْسِدًا كَمَا كَانَ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا بِلُحُوقِ الْعَارِ وَبِالْغُرْبَةِ عَنْ الْوَطَنِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَوْدُ مُفْسِدًا تَأَمَّلْ.
(، وَالْمَرِيضُ) الزَّانِي الْمُحْصَنُ (يُرْجَمُ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الرَّجْمَ مُتْلِفٌ وَلَا يَتَأَخَّرُ لِسَبَبِ الْمَرَضِ (وَلَا يُجْلَدُ) الزَّانِي الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمُحْصَنِ (مَا لَمْ يَبْرَأْ) عَنْ الْمَرَضِ كَيْ لَا يُفْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِهِ لَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْرَأَ فَيُجْلَدُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَرِيضًا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ بُرْئِهِ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ تَطْهِيرًا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا يُجْلَدُ فِي الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ الشَّدِيدَيْنِ لِخَوْفِ التَّلَفِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
(، وَالْحَامِلُ إنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِالْبَيِّنَةِ تُحْبَسُ حَتَّى تَلِدَ) كَيْ لَا تَهْرُبَ قَيَّدَ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لَا تُحْبَسُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهُ صَحِيحٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْحَبْسِ (وَتُرْجَمُ) الْحَامِلُ الْمُحْصَنَةُ (إذَا وَضَعَتْ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ لَهُ مُرَبٍّ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِأَجْلِ الْوَلَدِ، وَقَدْ انْفَصَلَ (وَلَا تُجْلَدُ) الْحَامِلُ غَيْرُ الْمُحْصَنَةِ (مَا لَمْ) تَلِدْ وَ (تَخْرُجْ مِنْ نِفَاسِهَا) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ وَلِذَا نَفَذَ تَصَرُّفُهَا مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ اكْتَفَى جَازَ، وَالْحَائِضُ كَالصَّحِيحِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْلُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute