لَا يُحَدُّ أَحَدٌ (لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى امْرَأَةٍ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَاءِ (وَهِيَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ (بِكْرٌ) أَيْ يَثْبُتُ بَكَارَتُهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُنَّ يُقْبَلُ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ لَا فِي إيجَابِهِ فَلَا يُحَدُّ أَحَدٌ وَكَذَا فِي الرَّتْقِ، وَالْقَرْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُعْمَلُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَاءِ فَوُجِدَ مَجْبُوبًا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ (أَوْ هُمْ) أَيْ الشُّهُودُ (فَسَقَةٌ) سَوَاءٌ عُلِمَ فِسْقُهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ وَأَنَّهُ مَانِعٌ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ وَأَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَهُمْ أَرْبَعَةٌ (أَوْ شُهُودٌ عَلَى شُهُودٍ) ؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِمْ زِيَادَةَ شُبْهَةٍ وَهُمْ مَا نَسَبُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إلَى الزِّنَاءِ، بَلْ حَكَوْا شَهَادَةَ الْأُصُولِ بِذَلِكَ، وَالْحَاكِي لِلْقَذْفِ لَا يَكُونُ قَاذِفًا فَلَا يُحَدُّونَ وَكَذَا لَا حَدَّ عَلَى الْأُصُولِ بِالْأَوْلَى.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (شَهِدَ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَى (الْأُصُولُ بَعْدَ ذَلِكَ) لِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ مِنْ وَجْهٍ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ هَذَا فِي الْحُدُودِ وَفِي غَيْرِ الْحُدُودِ تُقْبَلُ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَةِ الْفَرْعِ لِثُبُوتِ الْمَالِ مَعَ الشُّبْهَةِ.
(وَحَدُّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي زَوَايَا الْبَيْتِ) مَعْنَاهُ أَنْ يَشْهَدَ كُلُّ اثْنَيْنِ عَلَى الزِّنَاءِ فِي زَاوِيَةٍ وَكَانَ الْبَيْتُ صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَا تُقْبَلُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ كَيْفَ مَا كَانَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ فِي زَاوِيَةٍ، وَالِانْتِهَاءُ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى بِالِاضْطِرَابِ وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي سَاعَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ فِي لَوْنِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَفِي طُولِهَا وَقِصَرِهَا أَوْ فِي ثِيَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ.
(وَ) حَدُّ (الشُّهُودِ فَقَطْ) إذَا طَلَبَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَا يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (لَوْ كَانُوا عُمْيَانًا) فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ (أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ أَوْ) كَانُوا أَيْ الشُّهُودُ (أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَحَدُهُمْ عَبْدٌ أَوْ مَحْدُودٌ) وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ لِانْفِهَامِهِ مِمَّا ذُكِرَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ تَأَمَّلْ وَإِنَّمَا خُصَّ الْحَدُّ بِهِمْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ أَوْ عَدَمِ النِّصَابِ فَلَا يَثْبُتُ الزِّنَاءُ وَيَجِبُ الْحَدُّ لِكَوْنِهِمْ قَذَفَةً.
(وَكَذَا) أَيْ حَدُّ الشُّهُودِ فَقَطْ (لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الشُّهُودِ (عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا) فِي قَذْفٍ (بَعْدَ حَدِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) بِالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ (وَدِيَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ رُجِمَ) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُحْصَنًا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَخَطَؤُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ فِي مَالِهِمْ، وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ.
(وَأَرْشُ جُرْحِ ضَرْبِهِ) أَيْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (أَوْ مَوْتِهِ مِنْهُ هَدَرٌ) أَيْ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِالزِّنَى، وَالزَّانِي غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجُرِحَ أَوْ أَفْضَى إلَى الْمَوْتِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَالْأَرْشُ هَدَرٌ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا) ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْأَرْشُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي الرَّجْمِ وَلَهُ أَنَّ الْفِعْلَ الْجَارِحَ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ فَيُقْصَرُ عَلَى الْجَلَّادِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي الصَّحِيحِ كَيْ لَا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنْ الْإِقَامَةِ مَخَافَةَ الْغَرَامَةِ.
(وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ) وَفِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute