لَا يَفْسُدُ سَرِيعًا مِنْهُ كَالْقَدِيدِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يَفْسُدُ مِنْهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيُّ فَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْفَاكِهَةِ تَأَمَّلْ.
(وَكَذَا ثَمَرٍ) أَيْ: لَا بِفَاكِهَةٍ يَابِسَةٍ (عَلَى الشَّجَرِ) كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالشَّجَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْحِرْزِ قُطِعَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ فَمَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ عَلَى هَذَا قَالَ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ لَكِنْ أَعَادَهُ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ تَأَمَّلْ.
(وَزَرْعٍ لَمْ يَحْصُدْ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ، أَوْ حَافِظٌ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ الْكَامِلِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ حُصِدَ وَوُضِعَ فِي الْحَظِيرَةِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْرَزًا (وَلَا) يُقْطَعُ (بِمَا يُتَأَوَّلُ فِيهِ الْإِنْكَارُ) يَعْنِي يَقُولُ أَخَذْته لِنَهْيِ الْمُنْكَرِ (كَأَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ) أَيْ: مُسْكِرَةٍ قَالَ الْعَيْنِيُّ مُطْرِبَةٌ، أَوْ غَيْرُ مُطْرِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حُلْوًا فَهُوَ مِمَّا يَتَسَارَعُ الْفَسَادُ، وَإِنْ كَانَ مُرًّا، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا فَلَا قِيمَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَا فَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَقَوُّمِهَا اخْتِلَافٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ؛ لِأَنَّهُ مَا زَالَ مُتَقَوِّمًا إجْمَاعًا (وَآلَاتِ لَهْوٍ كَدُفٍّ وَطَبْلٍ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّبْلِ لِلْغُزَاةِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاحِيَّتِهِ لِلَّهْوِ صَارَتْ شُبْهَةٌ (وَبَرْبَطٍ وَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ) لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلَفًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِنْ ضَمِنَهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَخْذَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَصَلِيبٍ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَشِطْرَنْجٍ وَنَرْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ أَخْذِهَا الْكَسْرُ نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ الَّذِي عَلَيْهِ التِّمْثَالُ؛ لِأَنَّهُ مَا أُعِدَّ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يُثْبِتُ شُبْهَةَ إبَاحَةِ الْكَسْرِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الصَّلِيبُ فِي مُصَلَّاهُمْ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْحِرْزِ، وَإِنْ فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ لِوُجُودِ النِّصَابِ، وَالْحِرْزِ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ عَامٌّ لَا يُخَصَّصُ غَيْرُ الْحِرْزِ، وَهُوَ الْمُسْقِطُ.
(وَلَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ بَابِ مَسْجِدٍ) مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُعَزَّرَ وَيُبَالَغَ فِيهِ إنْ اعْتَادَ وَيُحْبَسَ حَتَّى يَتُوبَ.
وَفِي الْبَحْرِ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ حَصِيرِهِ وَقَنَادِيلِهِ، وَكَذَا أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْرَزَةً لِعَدَمِ الْمَالِكِ (وَكُتُبِ عِلْمٍ وَمُصْحَفٍ) ؛ لِأَنَّ آخِذَهَا يَتَأَوَّلُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ، أَوْ النَّظَرِ لِإِزَالَةِ الْأَشْكَالِ (وَصَبِيٍّ حُرٍّ، وَلَوْ) كَانَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمُصْحَفِ (حِلْيَةٌ) مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ قَدْرُ النِّصَابِ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَاغَدَ، وَالْجِلْدَ، وَالْحِلْيَةَ تَبَعٌ كَمَنْ سَرَقَ آنِيَةً فِيهَا خَمْرٌ وَقِيمَةُ الْآنِيَةِ فَوْقَ النِّصَابِ وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ حُلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا عَلَيْهِ تَبَعٌ لَهُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ تُقْطَعُ إذَا بَلَغَ الْحِلْيَةُ نِصَابًا؛ لِأَنَّ سَرِقَتَهُ تَمَّتْ فِي نِصَابٍ كَامِلٍ، وَالْخِلَافُ فِي صَبِيٍّ لَا يَمْشِي وَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَوْ سَرَقَ إنَاءَ ذَهَبٍ فِيهِ نَبِيذٌ، أَوْ ثَرِيدٌ، أَوْ كَلْبًا عَلَيْهِ قِلَادَةُ فِضَّةٍ لَا يُقْطَعُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute