فِي ذَلِكَ حَوَانِيتُ التُّجَّارِ، وَالْخَانَاتُ إلَّا إذَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا فَيُقْطَعُ إلَّا إذَا اُعْتِيدَ الدُّخُولُ فِيهِ بَعْضَ اللَّيْلِ هَذَا فِي الْمَفْتُوحَةِ، وَفِي الْمُغْلَقَةِ يُقْطَعُ مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ بِالدُّخُولِ فَدَخَلَ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ وَسَرَقَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَكُلُّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِلْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ) سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ (مُضِيفِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي أَضَافَهُ فِيهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا، وَهُوَ مُقْفَلٌ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مَعَ جَمِيعِ بُيُوتِهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَبِالْإِذْنِ فِي الدَّارِ اخْتَلَّ الْحِرْزُ فَيَكُونُ فِعْلُهُ خِيَانَةً لَا سَرِقَةً وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مِنْ مَوْضِعٍ أُنْزِلَ فِيهِ لَا يُقْطَعُ.
وَفِي غَيْرِهِ يُقْطَعُ (وَقُطِعَ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ لَيْلًا) هَذَا لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى لَوْ أُذِنَ بِالدُّخُولِ لَيْلًا لَا يُقْطَعُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَرَبُّهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (عِنْدَهُ) ، وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقِ غَيْرِهِ أَوْ كُمِّهِ، أَوْ جَيْبِهِ) أَمَّا الصُّنْدُوقُ فَحِرْزٌ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْكُمُّ، وَالْجَيْبُ فَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ فَيُقْطَعُ إذَا أَخَذَ قَدْرَ النِّصَابِ (أَوْ سَرَقَ جُوَالِقًا) بِضَمِّ الْجِيمِ (فِيهِ مَتَاعٌ وَرَبُّهُ) أَيْ: صَاحِبُهُ (يَحْفَظُهُ، أَوْ نَائِمٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجُوَالِقِ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ، وَالنَّوْمَ عَلَيْهِ، أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهُ حِفْظٌ لَهُ عَادَةً فَيُقْطَعُ.
(أَوْ سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْبَيْتِ الْمُسْتَأْجَرِ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ: لَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْبَيْتِ الْمُسْتَأْجَرِ عِنْدَهُمَا. قَيَّدَ بِالْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فِي بَيْتٍ آخَرَ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا.
(وَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ لَا يُقْطَعُ) ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ قَائِمَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ. قَيَّدَ بِالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْبُيُوتِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً وَفِيهَا مَقَاصِيرُ أَيْ: حُجَرُ وَمَنَازِلُ، وَفِي كُلِّ مَقْصُورَةٍ مَكَانٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَهْلُهُ عَنْ انْتِفَاعٍ بِصَحْنِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ فَيَكُونُ إخْرَاجُهُ كَإِخْرَاجِهِ إلَى السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَقْصُورَةٍ بِاعْتِبَارِ سَاكِنِيهَا حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ فَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِهِ إلَى صَحْنِهَا (أَوْ سَرَقَ بَعْضَ أَهْلِ حُجَرِ) جَمْعُ حُجْرَةٍ (دَارٍ مِنْ حُجْرَةٍ أُخْرَى فِيهَا) أَيْ: فِي الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فِيهَا حُجُرَاتٌ يَسْكُنُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إنْسَانٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا غَيْرُهُ لَا كَالدَّارِ الَّتِي صَاحِبُهَا وَاحِدٌ وَبُيُوتُهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِهِ وَخُدَّامِهِ وَبَيْنَهُمْ انْبِسَاطٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ.
وَفِي الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ إذَا كَانَ فِي كُلِّ بَيْتٍ سَاكِنٌ لَا يُقْطَعُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ تَدَبَّرْ.
(أَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ حِرْزٍ فَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ) يُقْطَعُ عِنْدَنَا.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute