بِإِجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ وَيَقْتُلُ غَيْرَهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ نَفْسِهِ، بَلْ يَصِيرُ لِلْقَتْلِ فَلَا يَقْتُلُ غَيْرَهُ (وَيُصَالَحُ الْمُرْتَدُّونَ) إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلْدَةٍ وَصَارَ دَارُهُمْ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا لَا يَجُوزُ مُصَالَحَتُهُمْ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ، وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي الْإِخْلَالُ بِهِ تَدَبَّرْ.
(بِدُونِ أَخْذِ مَالٍ) مِنْهُمْ وَإِنَّمَا يُصَالِحُهُمْ لِيَنْظُرَ فِي أُمُورِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَرْجُوٌّ مِنْهُمْ فَجَازَ تَأْخِيرُ قِتَالِهِمْ طَمَعًا فِي الْإِسْلَامِ وَلَا نَأْخُذُ عَلَيْهِ مَالًا فَإِنَّهُ كَالْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْرِيرًا عَلَى الِارْتِدَادِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ قَالَ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ وَفِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ الْمُوَادَئَةَ تَكُونُ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ فَلَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ مَالٌ مُقَدَّرٌ إلَى ذَلِكَ الزَّمَانِ كَيْفَ يَكُونُ تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَيْهِ انْتَهَى.
لَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ سَبَبُ أَمْنِ خَطَرِهِمْ فَلَا يُرْجَى الْإِسْلَامُ إلَى هَذَا الزِّمَامِ فَيَلْزَمُ التَّقْرِيرُ مِنْ وَجْهٍ خُصُوصًا فِي الزَّمَانِ الْمُمْتَدِّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ الزَّمَانُ. قَيَّدَ بِالْمَالِ لَا بِمُجَرَّدِ الصُّلْحِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ أَخَذَ) الْمَالَ مِنْهُمْ غَلَطًا، أَوْ خَطَأً بِطَرِيقِ الصُّلْحِ (لَا يَرُدُّ) إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ بِالْأَوْلَى وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ (ثُمَّ إنْ تَرَجَّحَ النَّبْذُ) يَعْنِي لَوْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ، ثُمَّ رَأَى النَّبْذَ أَيْ نَقْضَ الْعَهْدِ أَنْفَعَ (نَبَذَ) أَيْ: يَنْقُضُ مُرْسِلًا خَبَرَ النَّقْضِ (إلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَبَذَ الْمُوَادَعَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ عِلْمِ مَلِكِ الْكُفَّارِ بِالنَّقْضِ، أَوْ مُدَّةٌ يَبْلُغُ الْخَبَرُ إلَى مَلِكِهِمْ تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
(وَمَنْ بَدَأَ مِنْهُمْ بِخِيَانَةٍ قُوتِلَ فَقَطْ، وَإِنْ) كَانَ (بِاتِّفَاقِهِمْ، أَوْ بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ قُوتِلَ الْجَمِيعُ بِلَا نَبْذٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فَقَطَعُوا الطَّرِيقَ وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ حَيْثُ لَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَقَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَانِيَةً يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فِي حَقِّهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَلِكِهِمْ فَفِعْلُهُمْ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَ بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ صَارُوا نَاقِضِينَ لِلْعَهْدِ؛ لِأَنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمْ مَعْنًى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَلَا يُبَاعُ) أَيْ: يُكْرَهُ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ أَنْ يُمْلَكَ بِوَجْهٍ كَالْهِبَةِ (مِنْهُمْ سِلَاحٌ) أَيْ: مِمَّا اُسْتُعْمِلَ لِلْقَتْلِ، وَلَوْ صَغِيرًا (وَلَا خَيْلٌ وَلَا حَدِيدٌ) لِئَلَّا يَتَقَوَّى بِهِ الْكُفَّارُ وَلَا يَبْلُغُ مَا فِي حُكْمِهِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ فَإِنَّ تَمْلِيكَهُ مَكْرُوهٌ فَلَا بَأْسَ بِتَمْلِيكِ الثِّيَابِ، وَالطَّعَامِ.
(وَلَوْ) كَانَ (الْبَيْعُ بَعْدَ الصُّلْحِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْبِذُ (وَلَا يُجَهَّزُ إلَيْهِمْ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute