وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهَا قَبْلَ الْإِحْرَازِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْأَحَبُّ أَنْ يُقْسَمَ وَقِيلَ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عِنْدَهُمَا وَكَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاسِمَ إنْ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ، أَوْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَنْ اجْتِهَادٍ، فَالْخِلَافُ فِي الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَفِي النَّفَاذِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَمْلِكُونَهَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْهَزِيمَةِ وَتُبْنَى عَلَى هَذَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا إذَا أَتْلَفَ وَاحِدٌ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ وَمِنْهَا لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْغَانِمِينَ ثَمَّةَ لَا يُورَثْ نَصِيبُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ وَمِنْهَا لَوْ قَسَمَ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ لَا عَنْ اجْتِهَادٍ وَلَا لِحَاجَةِ الْغُزَاةِ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ وَمِنْهَا لَوْ وَطِئَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُزَاةِ أَمَةً مِنْ السَّبْيِ فَوَلَدَتْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَنَا، بَلْ الْأَمَةُ، وَالْوَلَدُ، وَالْعُقْرُ لِلْغُزَاةِ يَقْسِمُونَهَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْكَافِي نَفْيُ لُزُومِ الْعُقْرِ بِوَطْئِهَا تَتَبَّعْ (إلَّا لِلْإِيدَاعِ) أَيْ: قِسْمَةِ إيدَاعٍ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ لِلْإِمَامِ مَا يَحْمِلُ الْغَنِيمَةَ فَأَوْدَعَهَا الْغَانِمِينَ لِيُخْرِجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، ثُمَّ يَقْسِمُهَا وَلَا يَجْبُرُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ.
وَفِي الْكَبِيرِ أَجْبَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ عَامٍّ بِتَحْمِيلِ ضَرَرٍ خَاصٍّ (ثُمَّ تُرَدُّ وَلَا تُبَاعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ وَبَعْدَهُ نَصِيبُهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَالْمُقَاتِلُ، وَالرِّدْءُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ مُعَيَّنُ الْمُقَاتِلِينَ بِالْخِدْمَةِ وَقِيلَ هُمْ الْمُقَاتِلَةُ بَعْدَ الْمُقَاتِلِينَ وَيَقْرَبُ مِنْهُمْ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ النَّاصِرُ (سَوَاءٌ فِي) اسْتِحْقَاقِ (الْغَنِيمَةِ) لِتَحَقُّقِ الْمُشَارَكَةِ فِي السَّبَبِ، وَهُوَ الْمُجَاوَزَةُ عِنْدَنَا وَشُهُودُ الْوَقْعَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَسْتَوِي عِنْدَهُ.
(وَكَذَا مَدَدٌ) ، وَهُوَ الَّذِي يُرْسَلُ إلَى الْجَيْشِ لِيَزْدَادُوا، وَفِي الْأَصْلِ مَا يُزَادُ بِهِ الشَّيْءُ وَيَكْثُرُ (لَحِقَهُمْ) أَيْ: الْعَسْكَرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقِتَالِ (قَبْلَ إحْرَازِهَا) أَيْ: الْغَنِيمَةِ (بِدَارِنَا) يَعْنِي يُشَارِكُ الْمَدَدُ بِهِمْ فِي الْغَنِيمَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُشَارِكُونَهُمْ بَعْدَ الْقِتَالِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَتْح الْإِمَامُ مَعَ الْعَسْكَرِ بَلَدًا مِنْ بُلْدَانِهِمْ، أَوْ أَحْرَزَ الْمَغْنَمَ بِدَارِنَا، أَوْ قَسَمَ فِي دَارِهِمْ عَنْ اجْتِهَادٍ، أَوْ بَاعَ فِيهَا، ثُمَّ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ لَمْ يُشَارِكْهُمْ، وَلِي أَنَّهُ لَوْ قَاتَلَهُمْ فِي دَارِنَا كَانَتْ لِلْمُقَاتِلِ، وَالْمُسْتَعِينِ لَا الْمَدَدِ الَّذِي لَحِقَهُ بَعْدَ الْقِتَالِ.
(وَلَا حَقَّ فِيهَا) أَيْ: فِي الْغَنِيمَةِ (لِسُوقِيٍّ لَمْ يُقَاتِلْ) ؛ لِأَنَّهُ تَاجِرٌ، فَإِنْ قَاتَلَ فَكَالْمُقَاتِلِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ يُسْهَمُ لَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute