للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ» وَلَهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ» فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ فَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ» (وَلَا يُسْهِمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ) وَاحِدٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ) «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَسْهَمَ زُبَيْرًا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ» وَلَهُمَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَلَمْ يُسْهِمْ يَوْمَ خَيْبَرَ لِصَاحِبِ الْأَفْرَاسِ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ» وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْفِيلِ كَمَا أَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ رَاجِلٌ (، وَالْبَرَاذِينُ) جَمْعُ الْبِرْذَوْنِ، وَهُوَ خَيْلُ الْعَجَمِ (كَالْعِتَاقِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَتِيقٍ، وَهُوَ فَرَسٌ جَوَادٌ وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا؛ لِأَنَّ إرْهَابَ الْعَدُوِّ يُضَافُ إلَى جِنْسِ الْخَيْلِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَرَاذِينِ، وَالْعِرَابِ، وَالْهَجِينِ، وَالْمُقْرِفِ؛ وَلِأَنَّ فِي الْبِرْذَوْنِ قُوَّةَ الْحَمْلِ، وَالصَّبْرَ، وَفِي الْعَتِيقِ قُوَّةَ الطَّلَبِ، وَالسَّفَرَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ.

(وَلَا يُسْهَمُ لِرَاحِلَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْحِمْلُ (وَلَا بَغْلٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِلطَّلَبِ، وَالْهَرَبِ (وَالْعِبْرَةُ لِكَوْنِهِ فَارِسًا، أَوْ رَاجِلًا عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ: مُجَاوَزَةِ مَدْخَلِ دَارِ الْحَرْبِ لَا شُهُودُ الْوَقْعَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ) ، أَوْ نَائِبِهِ (أَنْ يَعْرِضَ الْجَيْشَ عِنْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ لِيَعْلَمَ الْفَارِسَ مِنْ الرَّاجِلِ) حَتَّى يَقْسِمَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ (فَمَنْ جَاوَزَ) مَدْخَلَ دَارِ الْحَرْبِ هَذَا تَفْرِيعٌ لِمَذْهَبِنَا (رَاجِلًا فَاشْتَرَى فَرَسًا) بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَشَهِدَ الْوَقْعَةَ (فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ) وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُ سَهْمَ الْفَارِسِ (وَمَنْ جَاوَزَ فَارِسًا فَنَفَقَ) أَيْ هَلَكَ (فَرَسُهُ) فَشَهِدَ الْوَقْعَةَ رَاجِلًا (فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ) وَهَذَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ فَارِسًا، أَوْ رَاجِلًا حَالَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ إمَّا الْمُجَاوَزَةُ فَوَسِيلَةٌ إلَى السَّبَبِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ وَلَنَا أَنَّ الْمُجَاوَزَةَ أَقْوَى الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ الْإِرْهَابَ بِهَا يَلْحَقُهُمْ؛ وَلِهَذَا يَحْتَاجُ إلَى شَوْكَةٍ وَجَيْشٍ عَظِيمٍ، وَالْجِهَادُ يَكُونُ بِالْإِرْهَابِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَتْلِ هَذَا فِي عَدَمِ الْمَضَايِقِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فَارِسًا وَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَارِسِ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ لِتَهْيِئَتِهِ لِلْقِتَالِ فَارِسًا، وَهُوَ كَالْمُبَاشِرِ.

(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْفَرَسَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ (قَبْلَ الْقِتَالِ) ، أَوْ حَالَ الْقِتَالِ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفُرْسَانِ (أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ آجَرَهُ، أَوْ رَهَنَهُ فَسَهْمُ رَاجِلٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمُجَاوَزَةِ الْقِتَالَ فَارِسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>