فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا ثُمَّ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ ثَانِيًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ آخَرُ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا (يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (بِثَمَنِهِ) أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ التَّاجِرُ الثَّانِي بِهِ مِنْ الْعَدُوِّ (ثُمَّ) يَأْخُذُهُ (الْمَالِكُ) الْقَدِيمُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (بِالثَّمَنِ) أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْأَوَّلُ مِنْ الْعَدُوِّ وَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الثَّانِي مِنْ الْعَدُوِّ إنْ شَاءَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ قَامَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِالتَّخْلِيصِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الْعَبْدِ (مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي) قَبْلَ أَخْذِهِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ غَائِبًا لِوُرُودِ الْأَسْرِ عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى مِلْكِ الْقَدِيمِ.
(وَلَا يَمْلِكُونَ) أَيْ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ التَّامِّ وَالْإِحْرَازِ بِدَارِهِمْ (حُرَّنَا وَمُدَبَّرَنَا وَأُمَّ وَلَدِنَا وَمُكَاتَبِنَا) لِأَنَّ الْمِلْكَ بِاسْتِيلَاءٍ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ وَالْحُرُّ مَعْصُومٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ رِقًّا وَكَذَا مَنْ سِوَاهُ لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ (وَيُمْلَكُ عَلَيْهِمْ كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ حُرُّهُمْ وَمُدَبَّرُهُمْ وَأَمُّ وَلَدِهِمْ وَمُكَاتَبُهُمْ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مُبَاحٍ فَلَوْ أَهْدَى مَلِكٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إلَى مُسْلِمٍ هَدِيَّةً مِنْ أَحْرَارِهِمْ مَلَكَهُ إلَّا إذَا كَانَ قَرَابَةً لَهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلَا يَمْلِكُونَ عَبْدًا) أَوْ أَمَةً (أَبَقَ إلَيْهِمْ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْآبِقَ لَمَّا انْفَصَلَ عَنْ دَارِنَا زَالَتْ يَدُ الْمَالِكِ عَنْهُ فَظَهَرَ يَدُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَصَارَ مَعْصُومًا فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ وَفِي إطْلَاقِ الْعَبْدِ إشْعَارٌ بِأَنَّ عَبْدَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فِيهِ قَوْلَانِ (فَيَأْخُذُهُ مَالِكُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ (لَكِنْ يُعَوَّضُ عَنْهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إعَادَةُ الْقِسْمَةِ لِتَفَرُّقِ الْغَانِمِينَ وَتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِهِمْ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَالِكِ جَعْلُ الْآبِقِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ إذْ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ مَلَكَهُ (وَعِنْدَهُمَا هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ الْآبِقُ إلَيْهِمْ (كَالْمَأْسُورِ) فَيَمْلِكُونَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لِحَقِّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَقَدْ زَالَتْ وَلِهَذَا لَوْ أَخَذُوهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ مَلَكُوهُ قَيَّدَ بِالْإِبَاقِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَرَدِّدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَخَذُوهُ وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِ الْحَرْبِ يَمْلِكُونَهُ اتِّفَاقًا.
وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ الْخِلَافُ فِيمَا أَخَذُوهُ قَهْرًا أَوْ قَيَّدُوهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُقْهَرْ فَلَا يَمْلِكُونَهُ اتِّفَاقًا، انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَا يَمْلِكُونَ عَبْدًا أَبَقَ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ قَهْرًا لَكَانَ أَوْلَى. تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ أَبَقَ) الْعَبْدُ (بِفَرَسٍ وَمَتَاعٍ فَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ كُلَّهُ) أَيْ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَالْمَتَاعِ (وَأَخْرَجَهُ) إلَى دَارِنَا (أَخَذَ الْمَالِكُ مَا سِوَى الْعَبْدِ بِالثَّمَنِ وَ) أَخَذَ (الْعَبْدَ مَجَّانًا) هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) أَخَذَهُ (بِالثَّمَنِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَأْخُذُ الْفَرَسَ وَالْمَتَاعَ إنْ شَاءَ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute