للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يُنْتَقَصُ لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْ الْإِسْلَامِ (وَكَذَا) يَصِيرُ ذِمِّيًّا (لَوْ قِيلَ) أَيْ قَالَ الْإِمَامُ (لَهُ) لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (إنْ أَقَمْت شَهْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) نَضَعُ عَلَيْك الْجِزْيَةَ (فَإِنْ أَقَامَ) الْمُدَّةَ الَّتِي قَدَّرَهَا الْإِمَامُ (أَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَضَعَ عَلَيْهِ خَرَاجَهَا) أَيْ خَرَاجَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ عَلَيْهِ فَقَطْ لَزِمَهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ فِي دَارِنَا فَصَارَ ذِمِّيًّا ضَرُورَةً وَلَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (وَعَلَيْهِ جِزْيَةُ سَنَةٍ مِنْ حِينِ وَضْعِ الْخَرَاجِ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ (أَوْ نَكَحَتْ الْمُسْتَأْمَنَةُ ذِمِّيًّا) لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَقَامَ تَبَعًا لِلزَّوْجِ فَتَكُونُ ذِمِّيَّةً هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ اشْتَرَى وَلَوْ قَالَ أَوْ صَارَ لَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا تَكُونُ ذِمِّيَّةً أَيْضًا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ عِنْدَنَا وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهَا وَلِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا دَخَلَ الْمُسْتَأْمَنُ بِامْرَأَتِهِ دَارَنَا ثُمَّ صَارَ الزَّوْجُ ذِمِّيًّا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ وَيَشْمَلُ مَا إذَا تَزَوَّجَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْتَأْمَنَةً فِي دَارِنَا ثُمَّ صَارَ الرَّجُلُ ذِمِّيًّا كَمَا فِي الْمِنَحِ، تَأَمَّلْ. (لَا لَوْ نَكَحَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَأْمَنُ الْحَرْبِيُّ (ذِمِّيَّةً) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْمُقَامَ فِي دَارِنَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ طَلَاقِهَا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ بَيِّنٌ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ فَلْيُطَالَعْ (فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِهِ حَلَّ دَمُهُ) لِصَيْرُورَتِهِ حَرْبِيًّا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ حَرْبِيًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْمَنِ الرَّاجِعِ إلَى دَارِهِ (وَدِيعَةٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ (فَأُسِرَ أَوْ ظُهِرَ عَلَيْهِمْ) مَبْنِيَّانِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أُسِرَ ذَلِكَ الرَّاجِعُ أَوْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دَارِهِمْ فَقُتِلَ (سَقَطَ دَيْنُهُ) لِأَنَّ إثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْعَامَّةِ فَيُخَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ (وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ) عِنْدَهُمَا (فَيْئًا) لِلْغُزَاةِ تَبَعًا لِنَفْسِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُودِعِ لِأَنَّ يَدَهُ فِيهَا أَسْبَقُ فَكَانَ بِهَا أَحَقَّ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ قَالُوا وَالرَّهْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى دَيْنُهُ وَالزِّيَادَةُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَصَارَ مَالُهُ فَيْئًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْوَدِيعَةَ لِأَنَّ مَا عِنْدَ شَرِيكِهِ وَمُضَارِبِهِ وَمَا فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا كَذَلِكَ.

(وَإِنْ قُتِلَ) أَيْ ذَلِكَ الرَّاجِعُ (وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ (أَوْ مَاتَ) حَتْفَ أَنْفِهِ (فَهُمَا) أَيْ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ (لِوَرَثَتِهِ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ بَاقٍ فِي مَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>