فَقَطْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكُفَّارِ الْقِتَالُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ} [البقرة: ١٩٣] لَكِنَّا تَرَكْنَاهُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا وَالْمَجُوسِيُّ دَخَلَ فِيهِمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سَنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ وَلَنَا أَنَّ اسْتِرْقَاقَهُمْ جَائِزٌ فَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمْ كَالْمَجُوسِ (لَا) تُوضَعُ (عَلَى) وَثَنِيٍّ (عَرَبِيٍّ) لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بُعِثَ مِنْهُمْ فَظَهَرَتْ الْمُعْجِزَةُ لَدَيْهِمْ فَكُفْرُهُمْ أَفْحَشُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ عَرَبِيُّ الْأَصْلِ وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَإِنَّهُمْ أُمِّيُّونَ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَأَهْلُ الْكِتَابِ وَإِنْ سَكَنُوا فِيمَا بَيْنَ الْعَرَبِ وَتَوَالَدُوا مِنْهُمْ لَيْسُوا بِعَرَبِيِّ الْأَصْلِ (وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ) لِأَنَّهُ كَفَرَ بِرَبِّهِ بَعْدَمَا رَأَى مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَمَا هُدِيَ إلَيْهِ فَلَا تُوضَعُ أَيْضًا عَلَى زِنْدِيقٍ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ الظَّاهِرِ بَلْ إنْ جَاءَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَتَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِنْ بَعْدَ الْأَخْذُ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ اُقْتُلُوا الزِّنْدِيقَ وَإِنْ قَالَ تُبْت وَأَمْوَالُهُ وَذُرِّيَّتُهُ فَيْءٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ (فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوَثَنِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ) زِيَادَةً فِي الْعُقُوبَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِهِ وَأَظْهَرَ ضَمِيرَهُمَا وَتَرَكَ قَوْلَهُ وَلَا عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ (وَتُسْتَرَقُّ أُنْثَاهُمَا) أَيْ أُنْثَى الْوَثَنِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ لَا رَجَاءَ لَهُمَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي وَثَنِيِّ الْعَرَبِ (وَطِفْلُهُمَا) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَسْتَرِقُّ ذَرَارِيِّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتَرَقَّ نِسَاءَ بَنِي حَنِيفَةَ وَصِبْيَانَهُمْ وَكَانُوا مُرْتَدِّينَ إلَّا أَنَّ نِسَاءَ الْمُرْتَدِّينَ وَذَرَارِيَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ ذَرَارِيِّ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَنِسَائِهِمْ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ) وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَامْرَأَةٍ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَتْلِ أَيْ عَنْ الْقِتَالِ وَهُمَا لَا يُقْتَلَانِ وَلَا يُقَاتَلَانِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَرَادَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرَ امْرَأَةِ بَنِي تَغْلِبَ فَإِنَّهَا تُوضَعُ عَلَيْهَا (وَمَمْلُوكٍ) قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أَمَّ وَلَدٍ أَيْ أَمَةٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ الْأَحْرَارِ فَكَيْفَ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ (وَمُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ النُّصْرَةُ بِالْقِتَالِ لِكَوْنِهِمْ فِي يَدِ الْغَيْرِ فَلَا يَجِبُ مَا هُوَ خِلَافٌ عَنْهَا وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوا الزِّيَادَةَ بِسَبَبِهِمْ (وَشَيْخٍ كَبِيرٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَمُقْعَدٍ) لِمَا بَيَّنَّاهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ إذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ لِأَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانُوا صَاحِبِي رَأْيٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute