للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَرْفَعُهُ، هَذَا إذَا لَمْ يُعْلِنْ أَمَّا إذَا أَعْلَنَ بِشَتْمِهِ أَوْ اعْتَادَ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَتْ تُعْلِنُ بِشَتْمِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُتِلَتْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ.

وَفِي الْمُؤَيَّدِ زَادَهُ نَقْلًا عَنْ الشِّفَاءِ مَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الذِّمِّيِّ فَأَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَرِّقَهُ بِالنَّارِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْقِطُ إسْلَامُهُ قَتْلَهُ.

وَفِي النَّوَادِرِ يُسْقِطُ هَذَا إذَا سَبَّهُ كَافِرٌ وَأَمَّا إذَا سَبَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مُسْلِمٌ وَلَوْ سَكْرَانَ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَلَا تَوْبَةَ لَهُ أَصْلًا تُنْجِيهِ مِنْ الْقَتْلِ سَوَاءٌ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةِ أَوْ جَاءَ تَائِبًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كَالزِّنْدِيقِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ حَدٌّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَنْ شَكَّ فِي عَذَابِهِ وَكُفْرِهِ فَقَطْ كَفَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ تَابَ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَسَابُّ الشَّيْخَيْنِ كَافِرٌ وَمُبْتَدِعٌ إنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا انْتَهَى.

وَفِي الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمَعْرُوضَاتِ لِلْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ تَفْصِيلٌ فِي حَقِّ السَّبِّ فَلْيُطَالَعْ لِأَنَّنَا أُمِرْنَا الْآنَ بِعَمَلِهَا (بَلْ) يُنْقَضُ عَهْدُهُ (بِاللِّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْغَلَبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ لِمُحَارَبَتِنَا) لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِذَلِكَ حَرْبِيًّا عَلَيْنَا فَلَا يُفِيدُ بَقَاءُ الْعَهْدِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ دَفْعُ الْفَسَادِ بِتَرْكِ الْقِتَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.

وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ جَعَلَ نَفْسَهُ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ فَحِينَئِذٍ هِيَ ثَلَاثٌ، تَأَمَّلْ. (وَيَصِيرُ) الْمَوْصُوفُ بِمَا ذُكِرَ (كَالْمُرْتَدِّ) فِي قَتْلِهِ وَدَفْعِ مَالِهِ لِوَرَثَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اُلْتُحِقَ بِالْأَمْوَاتِ لِتَبَايُنِ الدَّارِ (لَكِنْ لَوْ أُسِرَ) ذَلِكَ الذِّمِّيُّ (يُسْتَرَقُّ) وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الدِّينِ.

(وَالْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ) إنْ أَبَى عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُسْتَرَقُّ كَمَا سَيَأْتِي.

وَفِي الْبَحْرِ وَأَفَادَ بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يُلْحَقُ بِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيْءٌ كَالْمُرْتَدِّ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِمَا أَخْذُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ إلَى دَارِنَا بَعْدَ اللِّحَاقِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُمْ بِاللِّحَاقِ الْأَوَّلِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ ضِعْفُ الزَّكَاةِ) أَيْ ضِعْفُ زَكَاتِنَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَتُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الزَّكَاةِ فَلَزِمَ ذَلِكَ عَلَى نِسَائِهِمْ أَيْضًا لِأَنَّ النِّسَاءَ أَهْلٌ لِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْهِمْ بِالصُّلْحِ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (لَا مِنْ صِبْيَانِهِمْ) لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>