بِنَحْوِهِ مِمَّا يَعْظُمُ فِي الشَّرْعِ أَوْ عَابَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ خَطِئَ أَوْ سَخِرَ بِآيَةٍ مِنْهُ كَفَرَ إلَّا الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَفِي إنْكَارِهِمَا اخْتِلَافٌ وَالصَّحِيحُ كُفْرُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ عَامِّيًّا يَكْفُرْ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَا لَكِنْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى عَدَمِ إيجَابِ الْكُفْرِ وَيَكْفُرُ بِاعْتِقَادِ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ حَقِيقَةً وَكَذَا بِخَلْقِ الْإِيمَانِ وَيَجِبُ إكْفَارُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ الْقُرْآنَ جِسْمٌ إذَا كُتِبَ وَعَرَضٌ إذَا قُرِئَ.
وَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى دَقِّ الدُّفِّ وَالْقَصَبِ يَكْفُرُ وَقَالَ لِمَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَذَكَّرُ كَلِمَةَ {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: ٢٩] أَوْ مَلَأَ قَدَحًا وَجَاءَ بِهِ وَقَالَ كَأْسًا دِهَاقًا أَوْ قَالَ فَكَانَتْ سَرَابًا بِطَرِيقِ الْمُجَازَفَةِ أَوْ قَالَ عِنْدَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين: ٣] أَوْ جَمَعَ أَهْلَ مَوْضِعٍ وَقَالَ {فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف: ٩٩] أَوْ قَالَ {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: ٤٧] أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ كَيْفَ تَقْرَأُ وَالنَّازِعَاتِ نَزْعًا تَنْصِبُ أَوْ تَرْفَعُهَا وَأَرَادَ بِهِ الطَّعْنَ وَالسُّخْرِيَةَ أَوْ قَالَ صَرِّحْ اسْمَك فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المطففين: ١٤] أَوْ دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ فَقَالَ أَنَا أُصَلِّي وَحْدِي فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ إنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ تَفْشِيلَةَ فَإِنَّ التَّفْشِيلَةَ تَذْهَبُ بِالرِّيحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: ٤٦] كَفَرَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ اسْتَعْمَلَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَدَلِ كَلَامِهِ هَازِلًا كَفَرَ وَكَذَا لَوْ نَظَمَ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَيَكْفُرُ بِوَضْعِ رِجْلِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ مُسْتَخِفًّا.
وَإِذَا قَالَ الْقُرْآنُ أَعْجَمِيٌّ كَفَرَ وَلَوْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ كَلِمَةٌ أَعْجَمِيَّةٌ فَفِي أَمْرِهِ نَظَرٌ.
وَيَكْفُرُ بِالِاسْتِهْزَاءِ بِالْأَذْكَارِ وَبِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ أَوْ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الزِّنَى وَعِنْدَ الْحَرَامِ الْمَقْطُوعِ بِحُرْمَتِهِ أَوْ عِنْدَ أَخْذِ كَعْبَيْنِ لِلنَّرْدِ أَوْ عِنْدَ رَمْيِ الرَّمْلِ وَطَرْحِ الْحَصَى كَمَا يَفْعَلُهُ أَرْبَابُ الْفَأْلِ لِأَنَّهُ اسْتَخَفَّ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوَزَّانُ يَقُولُ فِي الْعَدِّ فِي مَقَامٍ أَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ بِسْمِ اللَّهِ وَيَضَعُهُ مَكَانَ قَوْلِهِ وَاحِدٌ لَا أَنْ يُرِيدَ بِهِ ابْتِدَاءَ الْعَدِّ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ الْعَدِّ لَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاحِدٌ لَكِنَّهُ لَا يَقُولُ كَذَلِكَ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ يَكْفُرُ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ الْفَرَاغِ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَكْفُرْ عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّ حَمْدَهُ وَقَعَ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ الْحَرَامِ وَقِيلَ يَكْفُرُ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى اتِّخَاذِ الْحَرَامِ فَإِنْ نَوَى يُعَامَلُ عَلَى نِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا يَكْفُرْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَدْرٌ الرَّشِيدُ وَسَمِعْت عَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَالَ مَوْضِعَ الْأَمْرِ لِلشَّيْءِ أَوْ مَوْضِعَ الْإِجَازَةِ بِسْمِ اللَّهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ أَدْخُلُ أَوْ أَقُومُ أَوْ أَقْعُدُ أَوْ أَتَقَدَّمُ أَوْ أَسِيرُ وَقَالَ الْمُشِيرُ بِسْمِ اللَّهِ يَعْنِي بِهِ أَذِنْتُك فِيمَا اسْتَأْذَنْت كَفَرَ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ.
وَيَكْفُرُ بِقَوْلِ الْمَرِيضِ لَا أُصَلِّي أَبَدًا جَوَابًا لِمَنْ قَالَهُ صَلِّ وَقِيلَ لَا وَكَذَا لَا أُصَلِّي حِينَ أُمِرَ بِهَا وَقِيلَ إنَّمَا يَكْفُرُ إذَا قَصَدَ نَفْيَ الْوُجُوبِ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا أُصَلِّي يَحْتَمِلُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا لَا أُصَلِّي لِأَنِّي صَلَّيْت وَالثَّانِي لَا أُصَلِّي بِأَمْرِك فَقَدْ أَمَرَنِي بِهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك وَالثَّالِثُ لَا أُصَلِّي فِسْقًا وَمَجَّانًا فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِكُفْرٍ وَالرَّابِعُ لَا أُصَلِّي إذْ لَيْسَتْ تَجِبُ عَلِيّ الصَّلَاةِ وَلَمْ أُؤْمَرْ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute