لَا أُرِيدُهَا دُونَك أَوْ لَا أَدْخُلُهَا مَعَ فُلَانٍ أَوْ لَوْ أَعْطَانِي اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ أَوْ لِأَجْلِ هَذَا الْعَمَلِ لَا أُرِيدُهَا أَوْ لَا أُرِيدُ الْجَنَّةَ أَوْ أُرِيدُ رُؤْيَتَهُ تَعَالَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنَّ رُؤْيَتَهُ تَعَالَى أَكْبَرُ مِنْ الْجَنَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكَفَّرَ بِطَلَبِ الْأَعْلَى وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الدُّنْيَا حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ حَرَامٌ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَكِلَاهُمَا حَرَامَانِ عَلَى أَهْلِ اللَّهِ، تَأَمَّلْ. وَبِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى إذَا بُعِثُوا هَلْ يُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ وَبِإِنْكَارِهِ حَشْرَ بَنِي آدَمَ لَا غَيْرَهُمْ وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ الْعُقُوبَةِ بِالذَّنْبِ وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَعَاصِي قَبِيحَةً وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ الطَّاعَةِ حُسْنًا وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ الثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَةِ وَبِعَدَمِ رُؤْيَةِ وُجُوبِ الطَّاعَاتِ.
(الرَّابِعُ فِي الِاسْتِخْفَافِ بِالْعِلْمِ) .
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فَالِاسْتِخْفَافُ بِالْعُلَمَاءِ لِكَوْنِهِمْ عُلَمَاءَ اسْتِخْفَافٌ بِالْعِلْمِ وَالْعِلْمُ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَنَحَهُ فَضْلًا عَلَى خِيَارِ عِبَادِهِ لِيَدُلُّوا خَلْقَهُ عَلَى شَرِيعَتِهِ نِيَابَةً عَنْ رُسُلِهِ فَاسْتِخْفَافُهُ بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إلَى مَنْ يَعُودُ فَإِنْ افْتَخَرَ سُلْطَانٌ عَادِلٌ بِأَنَّهُ ظِلُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ يَقُولُ الْعُلَمَاءُ بِلُطْفٍ اللَّهُ اتَّصَفْنَا بِصِفَتِهِ بِنَفْسِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعَمَلُ الْمُلْكُ عَلَيْك لَوْلَا عَدْلُك فَأَيْنَ الْمُتَّصِفُ بِصِفَتِهِ مِنْ الَّذِينَ إذَا عَدَلُوا لَمْ يَعْدِلُوا عَنْ ظِلِّهِ وَالِاسْتِخْفَافُ بِالْأَشْرَافِ وَالْعُلَمَاءِ كُفْرٌ.
وَمَنْ قَالَ لِلْعَالِمِ عُوَيْلِمٌ أَوْ لِعَلَوِيٍّ عُلَيْوِيٌّ قَاصِدًا بِهِ الِاسْتِخْفَافَ كَفَرَ.
وَمَنْ أَهَانَ الشَّرِيعَةَ أَوْ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا كَفَرَ وَمَنْ بَغَضَ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ خِيفَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَلَوْ شَتَمَ فَمَ عَالِمٍ فَقِيهٍ أَوْ عَلَوِيٍّ يُكَفَّرُ وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ ثَلَاثًا إجْمَاعًا كَمَا فِي مَجْمُوعَةِ الْمُؤَيَّدِيِّ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي لَكِنَّ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَكَيْفَ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ، تَدَبَّرْ.
حُكِيَ أَنَّ فَقِيهًا وَضَعَ كِتَابَهُ فِي دُكَّانٍ وَذَهَبَ ثُمَّ مَرَّ عَلَى ذَلِكَ الدُّكَّانِ فَقَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ هَاهُنَا نَسِيت الْمِنْشَارَ فَقَالَ الْفَقِيهُ: عِنْدَك لِي كِتَابٌ لَا مِنْشَارٌ، فَقَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: النَّجَّارُ يَقْطَعُ الْخَشَبَةَ بِالْمِنْشَارِ وَأَنْتُمْ تَقْطَعُونَ بِهِ حَلْقَ النَّاسِ أَوْ قَالَ حَقَّ النَّاسِ أَمَرَ ابْنُ الْفَضْلِ بِقَتْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ كَفَرَ بِاسْتِخْفَافِ كِتَابِ الْفَقِيهِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْكِتَابَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ كَالْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ لَا يَكُونُ كُفْرًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ إهَانَتُهُ فِي الشَّرِيعَةِ.
يَحْكِي عَنْ الْعَلَّامَةِ الْخُوَارِزْمِيِّ مَوْلَانَا هَمَّامُ الدِّينِ أَنَّهُ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ الْأَعْوِنَةِ حِينَ أَطَالَ لِسَانَهُ إلَى دَفْتَرِ وَاحِدٍ مِنْ الطَّلَبَةِ مَنْ قَالَ لِفَقِيهٍ يَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ الْعِلْمِ أَوْ يَرْوِي حَدِيثًا صَحِيحًا هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ أَوْ قَالَ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْلُحُ هَذَا الْكَلَامُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ لِأَنَّ الْعِزَّةَ وَالْحُرْمَةَ الْيَوْمَ لِلدِّرْهَمِ لَا لِلْعِلْمِ كَفَرَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ " دِرْهَمٌ بايد عِلْم بجيه كَارِ آير " أَوْ قَالَ " عِلْمٌ بكاسه اندرشكست " كَفَرَ.
وَيَكْفُرُ بِجُلُوسِهِ عَلَى مُرْتَفِعٍ وَيَتَشَبَّهُ بِالْمُذَكِّرِينَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ يَسْأَلُونَهُ وَيَضْحَكُونَ مِنْهُ ثُمَّ يَضْرِبُهُمْ بِالْمِخْرَاقِ وَكَذَا يَكْفُرُ الْجَمْعُ لِاسْتِخْفَافِهِمْ بِالشَّرْعِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجْلِسْ عَلَى مَكَان مُرْتَفِعٍ وَلَكِنْ يَسْتَهْزِئُ بِالْمُذَكِّرِينَ وَيَسْخَرُ وَالْقَوْمُ يَضْحَكُونَ كَفَرُوا وَكَذَا مَنْ تَشَبَّهَ بِالْمُعَلِّمِ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ وَأَخَذَ الْخَشَبَةَ وَيَضْرِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute