النَّسَبَ وَهُوَ أَنْفَعُ لَهُ وَإِبْطَالُ الْإِسْلَامِ الثَّابِتِ بِالدَّارِ يَضُرُّهُ فَصَحَّتْ فِيمَا يَنْفَعُهُ دُونَ مَا يَضُرُّهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ ابْنًا لَهُ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّهُ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ (وَذِمِّيٌّ إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (فِيهِ) أَيْ فِي مَقَرِّ الذِّمِّيِّينَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَكَانُ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مُسْلِمًا وَالثَّانِي أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَيَكُونُ كَافِرًا وَالثَّالِثُ أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّابِعُ أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْكُفَّارِ فَفِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ الْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ لِسَبْقِهِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعِبْرَةُ لِلْوَاجِدِ لِقُوَّةِ الْيَدِ.
وَفِي رِوَايَةٍ أَيُّهُمَا كَانَ مُوجِبًا لِإِسْلَامِهِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْفَعُ لَهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ الْوَاجِدِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا لِأَنَّ الْوَاجِدَ إذَا كَانَ مُسْلِمًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ مُسْلِمًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، تَأَمَّلْ. وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ مُسْلِمٌ مُطْلَقًا.
(وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ مَعًا) كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ (ثَبَتَ) نَسَبُهُ (مِنْهُمَا) لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ زَوْجٍ فَإِنْ صَدَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ شَهِدَتْ لَهَا الْقَابِلَةُ أَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ صَحَّتْ وَإِلَّا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ فَلَا بُدَّ مِنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ وَأَقَامَتَا الْبَيِّنَةَ ثَبَتَ مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَكْثَرُ مِنْ رَجُلَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَثْبُتُ مِنْ الثَّلَاثِ لَا الْأَكْثَرِ وَعَنْ الْإِمَامِ يَثْبُتُ مِنْ الْأَكْثَرِ.
(وَإِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِيهِ) أَيْ فِي جَسَدِهِ وَوَافَقَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ (أَوْ سَبَقَ) أَحَدُهُمَا فِي الدَّعْوَةِ عَلَى الْآخَرِ (فَهُوَ أَوْلَى) إلَّا إذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ أَقْوَى وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْمُوَافَقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَفَ وَأَخْطَأَ وَلَوْ فِي بَعْضٍ فَلَا تَرْجِيحَ وَهُوَ ابْنُهُمَا.
وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْعَلَامَةَ مُرَجِّحَةٌ عِنْدَ عَدَمِ مُرَجِّحٍ أَقْوَى مِنْهَا فَيُقَدَّمُ ذُو الْبُرْهَانِ عَلَى ذِي الْعَلَامَةِ وَالْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ ذِي الْعَلَامَةِ وَظَاهِرُ مَا فِي الْفَتْحِ تَقْدِيمُ ذِي الْيَدِ عَلَى الْخَارِجِ ذِي الْعَلَامَةِ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ ذِي الْعَلَامَةِ.
(وَالْحُرُّ وَالْمُسْلِمُ) فِي دَعْوَتِهِ (أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْأَبِ أَنْفَعُ لَهُ وَكَذَا إسْلَامُهُ إذَا كَانَ حُرًّا وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَالذِّمِّيُّ أَوْلَى لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِإِسْلَامٍ يَكُونُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَلَوْ ادَّعَاهُ حُرَّانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ هَذِهِ الْحُرَّةِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَمَةِ فَاَلَّذِي يَدَّعِيه مِنْ الْحُرَّةِ أَوْلَى.
(وَإِنْ شُدَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ (مَالٌ أَوْ) شُدَّ الْمَالُ (عَلَى دَابَّةٍ هُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَالُ (لَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ بِحَالٍ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا (يُنْفِقُ) الْمُلْتَقِطُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ (بِأَمْرِ قَاضٍ) لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ صَرْفِ مِثْلِهِ إلَيْهِ (وَقِيلَ) يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهِ (بِدُونِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute