بِقَدْرِ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» مُطْلَقًا بِلَا فَصْلٍ.
وَفِي الْبَحْرِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا رِبْحًا جَازَ وَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَى أَقَلِّهِمَا رِبْحًا خَاصَّةً لَا يَجُوزُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا.
وَفِي التَّبْيِينِ وَإِنْ شَرَطَاهُ لِلْقَاعِدِ أَوْ لِأَقَلِّهِمَا عَمَلًا فَلَا يَجُوزُ.
(وَ) تَصِحُّ (مَعَ كَوْنِ مَالِ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمَ) صِحَاحًا أَوْ مَكْسُورَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ أَيْ رَدِيئَةَ الْفِضَّةِ (وَ) مَالِ (الْآخَرِ دَنَانِيرَ) سَوَاءٌ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ لَا وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ لَا تَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَفِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ (أَيْضًا) أَيْ كَالْمُفَاوَضَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَلَفْظُ أَيْضًا قَيْدٌ لَهُمَا لَا لِلْخَلْطِ فَقَطْ (وَالْوَضِيعَةُ) الْحَطِيطَةُ أَيْ بِأَنْ هَلَكَ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ (عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَرَطَا غَيْرَ ذَلِكَ) لِمَا رَوَيْنَا آنِفًا (وَمَا شَرَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طُولِبَ بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْمُشْتَرَى (هُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (فَقَطْ) فَلَا يُطَالَبُ بِمُشْتَرَى الْآخَرِ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ دُونَ الْكَفَالَةِ وَالْمُبَاشِرُ هُوَ الْأَصِيلُ فِي الْحُقُوقِ فَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ إلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ (وَرَجَعَ) الْآخَرُ (عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (إنْ أَدَّاهُ مَالَهُ) وَلِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ اخْتِلَافًا بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى عَبْدًا لِلشَّرِكَةِ وَهَلَكَ وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ حَقَّ الرُّجُوعِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ إنْ ادَّعَاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لَمْ يَرْجِعْ.
(وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بِهَلَاكِ الْمَالَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لِاسْتِنْمَاءِ الْمَالِ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ هَلَاكِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْهَلَاكُ (عَلَى مَالِكِهِ) أَيْ مَالِكِ الْمَالِ (قَبْلَ الْخَلْطِ) حَيْثُ (هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ الْآخَرِ) لِأَنَّ رَأْسَ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا ضَمَانَ إنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ وَإِنْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَهُوَ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ إنْ هَلَكَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْخَلْطِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ، هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ فِي ضِمْنِ قَوْلِهِ وَهُوَ عَلَى مَالِكِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ وَلَوْ اكْتَفَى بِالْأَوَّلِ لَكَفَى (فَإِنْ هَلَكَ) مَالُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا (بَعْدَمَا شَرَى الْآخَرُ بِمَالِهِ) شَيْئًا (فَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الشِّرَاءِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِهَلَاكِ مَالِ الْآخَرِ (وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى شَرِيكِهِ بِثَمَنِ حِصَّتِهِ) لِأَنَّهُ اشْتَرَى نِصْفَهُ بِالْوَكَالَةِ وَقَدْ قَضَى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ.
(وَإِنْ هَلَكَ) مَالُ أَحَدِهِمَا (قَبْلَ شِرَاءِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَ وَكَّلَهُ حِينَ الشَّرِكَةِ صَرِيحًا فَالْمُشْتَرِي لَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ وَرَجَعَ بِحِصَّتِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَشْتَرِ أَحَدُهُمَا شَيْئًا وَهَلَكَ مَالُهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ بِمَالِهِ إنْ صَرَّحَا بِالْوَكَالَةِ فِي عَقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute