الْمَالِكِ الْمَجَازِيِّ مُقْتَصِرَةً (عَلَى) حُكْمِ (مِلْكِ اللَّهِ) الْمَالِكِ الْحَقِيقِيِّ (تَعَالَى) وَتَقَدَّسَ (عَلَى وَجْهٍ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْعِبَادِ فَيَلْزَمُ وَيَزُولُ مِلْكُهُ) بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ سَوَاءٌ وُجِدَ أَحَدُ الْقَيْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِالْوَقْفِ اسْتِدَامَةَ الْخَيْرِ فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَيَخْلُصَ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا، وَلَهُ أَنَّ غَرَضَهُ التَّصَدُّقُ بِمَنْفَعَةِ مَالِهِ وَذَا يَقْتَضِي بَقَاءَهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلِهَذَا اُعْتُبِرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ فِيهِ وَبَقِيَ تَدْبِيرُهُ بَعْدَهُ فِي نَصْبِ الْقَيِّمِ وَتَوْزِيعِ الْغَلَّةِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ خَالِصٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْمِلْكِ قِيلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ فَيُجْعَلُ الْوَقْفُ كَذَلِكَ (بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ) أَيْ يَلْزَمُ وَيَزُولُ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَفْتُ دَارِي هَذِهِ مَثَلًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ وَلَا إلَى التَّسْلِيمِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ يُفْتِي مَشَايِخُ الْعِرَاقِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْمِلْكِ كَالْإِعْتَاقِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا) يَلْزَمُ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ (مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ) أَيْ الْمَوْقُوفَ (إلَى وَلِيٍّ) لِأَنَّ تَمْلِيكَهُ إلَى اللَّهِ قَصْدًا غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إلَى الْعَبْدِ كَالصَّدَقَاتِ وَبِهِ يُفْتِي مَشَايِخُ بُخَارَى وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي زَمَانِنَا وَلَمَّا بَيَّنَ مَسَالِكَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فَرَّعَ عَلَيْهَا.
بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَقَفَ) وَقْفًا (عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ بَنَى سِقَايَةً أَوْ خَانًا أَوْ رِبَاطًا لِبَنِي السَّبِيلِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ لَكِنْ فِي إصْلَاحِ الرِّبَاطِ مَا بُنِيَ فِي الثُّغُورِ لِتَنْزِلَ فِيهِ الْغُزَاةُ، انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ لِبَنِي السَّبِيلِ قَيْدٌ لِلْأَوَّلَيْنِ لَا لِقَوْلِهِ رِبَاطًا فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ رِبَاطًا تَدَبَّرْ (أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ) أَيْ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ (إلَّا بِالْحُكْمِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنْهُ حَقُّ الْعَبْدِ بِالْحُكْمِ أَوْ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِهِ لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَوْتِ كَالْعَدَمِ عِنْدَهُ لِضَعْفِهِ فَلِهَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ قِيلَ تَأَمَّلْ، قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ عَدَمَ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِلْوَاقِفِ وَعَدَمَ جَوَازِ السُّكُونِ فِي الْخَانِ وَعَدَمَ جَوَازِ النُّزُولِ فِي الرِّبَاطِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى، هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ بِالْحُكْمِ يَخْرُجُ مِنْ الْمِلْكِ وَيَكُونُ مُبَاحًا لِلْعَامَّةِ وَالْوَاقِفُ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَلَا إبْهَامَ تَأَمَّلْ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ) كَمَا هُوَ أَصْلُهُ إذْ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) يَزُولُ (إذَا سَلَّمَهُ إلَى مُتَوَلٍّ) كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ.
وَفِي الْغَايَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ وَلَكِنْ فِي كُلِّ بَابٍ يُعْتَبَرُ مَا يَلِيقُ بِهِ فَفِي الْخَانِ أَنَّهُ يَحْصُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute