(وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُحَمَّدٍ (فِي وَقْفِ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) وَالْخَيْلِ (وَالْإِبِلِ فِي سَبِيلِ اللَّه) وَمَا سِوَى الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقِيَاسَ إنَّمَا يُتْرَكُ بِالنَّصِّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِيهِمَا فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (وَبِهِ) أَيْ يَقُولُ مُحَمَّدٌ (يُفْتِي) لِوُجُودِ التَّعَامُلِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ قَدْ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ بِخِلَافِ مَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَالْأَمْتِعَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَقَدْ حَكَى فِي الْمُجْتَبَى الْخِلَافَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْمَنْقُولِ فَقِيلَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا جَرَى التَّعَارُفُ بِهِ أَوَّلًا وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنْ جَرَى فِيهِ تَعَامُلٌ وَلَمَّا جَرَى التَّعَامُلُ فِي وَقْفِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي زَمَان زُفَرَ بَعْدَ تَجْوِيزِ صِحَّةِ وَقْفِهِمَا فِي رِوَايَةٍ دَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ فِي وَقْفِ كُلِّ مَنْقُولٍ فِيهِ تَعَامُلٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَلَا يَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى تَخْصِيصِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ وَقْفِهِمَا لِمَذْهَبِ زُفَرَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ بِجَوَازِ وَقْفِهِمَا وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا كَمَا فِي الْمِنَحِ وَعَنْ زُفَرَ رَجُلٌ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ يَجُوزُ قِيلَ لَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ، قَالَ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهَا فِي الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُوزَنُ وَيُكَالُ يُبَاعُ فَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً كَالدَّرَاهِمِ قَالُوا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، لَوْ قَالَ الْكُرُّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَقْفٌ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُفَرِّقَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَا بُدَّ لَهُمْ فَيَزْرَعُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَدْرُ الْفَرْضِ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَبَدًا جَازَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَمِثْلُ هَذَا أَكْثَرُهُمْ فِي الرَّيِّ وَنَاحِيَةِ نَهَاوَنْدَ.
(وَكَذَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقْفُهُ) أَيْ وَقْفُ الْمَنْقُولِ (تَبَعًا كَمَنْ وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأَكَرَتِهَا وَهُمْ) أَيْ الْأَكَرَةُ (عَبِيدُهُ) أَيْ عَبِيدُ الْوَاقِفِ (وَسَائِرِ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ مِنْ شَرْطِهِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ تَبَعًا وَلِهَذَا دَخَلَ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ مَا كَانَ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ دُونَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَمُحَمَّدٍ مَعَهُ فِيهِ وَأَمَّا لَوْ بَنَى عَلَى أَرْضٍ ثُمَّ وَقَفَ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ مَوْقُوفَةً عَلَى مَا عَيَّنَ الْبِنَاءَ لَهُ جَازَ إجْمَاعًا وَإِنْ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَمُخْتَلِفٌ وَالْمَعْمُولُ بِهِ الْآنَ الْجَوَازُ، وَكَذَا حُكْمُ وَقْفِ الْأَشْجَارِ.
وَفِي الْمِنَحِ الْمُتَعَارَفُ فِي دِيَارِنَا وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَكَذَا وَقْفُ الْأَشْجَارِ بِدُونِهَا فَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ بِصِحَّتِهِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فِيهِ التَّعَامُلُ انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالتَّعَامُلِ تَعَامُلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَعَلَيْنَا أَجْمَعِينَ لَا تَعَارُفِ الْعَوَامّ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَعَلَى هَذَا مَا قَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَارَفَ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ مَنْقُولٌ فِيهِ تَعَامُلٌ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ رَجُلٌ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى رِبَاطٍ عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute