قَدِيمًا لِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَهُنَا مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا صَغِيرًا فَوَجَدَهُ يَبُولُ فِي الْفِرَاشِ وَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَلَوْ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ثُمَّ كَبُرَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَى ثَمَنَ النُّقْصَانِ لِزَوَالِ الْعَيْبِ بِالْبُلُوغِ.
(وَإِنْ) أَبَقَ أَوْ سَرَقَ أَوْ بَالَ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ ثُمَّ (عَاوَدَهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا) أَيْ لَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّ مَا يُعَاوَدُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَكُونُ عَيْبًا آخَرَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ.
(وَالْجُنُونُ) الْمُطَبَّقُ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقِيلَ مِنْ سَاعَةٍ (عَيْبٌ) فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ (فَلَوْ جُنَّ فِي صِغَرِهِ) عِنْدَ الْبَائِعِ (وَعَاوَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِيهِ) أَيْ فِي صِغَرِهِ (أَوْ فِي كِبَرِهِ رُدَّ بِهِ) لِأَنَّ الثَّانِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ إذْ مَعْدِنُ الْعَقْلِ هُوَ الْقَلْبُ وَشُعَاعُهُ فِي الدِّمَاغِ وَالْجُنُونُ انْقِطَاعُ هَذَا الشُّعَاعِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ قِيلَ يَكْفِي فِي الرَّدِّ جُنُونُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَطْ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِدُونِ الْمُعَاوَدَةِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
(وَالْبَخَرُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالْخَاءُ الْمُعْجَمَةُ نَتْنٌ رَائِحَةِ الْفَمِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ نَتْنُ رَائِحَةِ الْأَنْفِ (وَلِذَفَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ شِدَّةُ الرِّيحِ طَيِّبَةً أَوْ خَبِيثَةً وَمُرَادُهُمْ نَتْنُ الْإِبْطِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ ذَفَرَ إذَا خَبُثَ رَائِحَتُهُ وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ مِنْهُ كَمَا فِي الطَّلَبَةِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ الظَّنِّ أَنَّ فِي الْمُغْرِبِ مُرَادَهُمْ مِنْهُ حِدَّةُ الرَّائِحَةِ مُنْتِنَةٌ أَوْ طَيِّبَةٌ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَادَ مِنْهُ الصُّنَانَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ نَتِنُ الْإِبْطِ عَلَى أَنْ عَدَّ الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ مِنْ الْعُيُوبِ عَيْبٌ لَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَالزِّنَاءُ وَالتَّوَلُّدُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزِّنَاءِ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْهَا فَالْبَخَرُ وَالذَّفَرُ يُخِلُّ بِالْقُرْبِ لِلْخِدْمَةِ وَالزِّنَاءُ بِالِاسْتِفْرَاشِ وَالتَّوَلُّدِ مِنْ الزِّنَاءِ بِطَلَبِ الْوَلَدِ (لَا فِي الْغُلَامِ) أَيْ لَيْسَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَيْبًا فِي الْعَبْدِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ الِاسْتِخْدَامُ مِنْ بَعْدُ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تُخِلُّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْبَخَرُ وَالذَّفَرُ (مِنْ دَاءٍ) وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ لَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْغُلَامِ كُلَّ الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَخَرُ وَالذَّفَرُ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ الْقُرْبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute