(الْمَسِيلِ وَلَا هِبَتُهُ) لِأَنَّ رَقَبَةَ الْمَسِيلِ مَجْهُولٌ لِأَنَّ مِقْدَارَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ مِنْ الْأَرْضِ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ حُدُودَهُ وَمَوْضِعَهُ جَازَ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمَسِيلِ التَّسْيِيلَ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي وَقَدْ مَرَّ بُطْلَانُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ مَجْهُولًا بِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ (وَصَحَّا) أَيْ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ (فِي الطَّرِيقِ) لِأَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مَعْلُومٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَمُقَدَّرٌ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ فَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ الْبُطْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ حَقٌّ مَعْلُومٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنٍ بَاقٍ وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ شَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ أَمَةٌ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ) وَكَذَا عَكْسُهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ اخْتِلَافٌ بِالْوَصْفِ لِأَنَّهُمَا وَصْفَانِ فِي الْحَيَوَانِ وَاخْتِلَافُ الْوَصْفِ يُوجِبُ الْخِيَارَ إلَّا الْفَسَادَ كَمَا فِي الْبَهَائِمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِتَفَاحُشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الِاسْتِخْدَامُ خَارِجَ الدَّارِ وَمِنْ الْأَمَةِ الِاسْتِخْدَامُ دَاخِلَ الدَّارِ كَالِاسْتِفْرَاشِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِمَا فَبِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ صَارَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
(وَلَوْ بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ صَحَّ وَيُخَيَّرُ) وَجْهُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِي الْمَقْصُودِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اللَّحْمُ وَالْحَمْلُ وَالرُّكُوبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَالْأُنْثَى وَالذَّكَرُ يَصْلُحَانِ لِذَلِكَ فَكَانَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ اعْلَمْ أَنَّ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ فِي الْمُسَمَّى إذَا اخْتَلَفَ الْمُسَمَّى وَالْمُشَارُ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ وَالتَّسْمِيَةَ لِإِعْلَامِ الْمَاهِيَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الذَّاتِ فَكَانَ أَبْلَغَ فِي التَّعْرِيفِ وَيَحْتَاجُ فِي مَقَامِ التَّعْرِيفِ إلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ فِيهِ فَكَانَتْ الْإِشَارَةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِشَارَةَ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّسْمِيَةَ لِلتَّرْغِيبِ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِيهِ مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَعْرَفُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا كَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (شِرَاءُ مَا بَاعَ) الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ مِنْ سِلْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ) مِنْ الثَّمَنِ (قَبْلَ نَقْدِ) كُلِّ (الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ دِرْهَمٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ صُورَتُهَا بَاعَ جَارِيَةً مَثَلًا بِأَلْفٍ حَالَّةً أَوْ نَسِيئَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ فَالْبَيْعُ الثَّانِي فَاسِدٌ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَيِّ قَدْرٍ كَانَ مِنْ الثَّمَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute