بِالْعَقَارِ نَادِرٌ حَتَّى إذَا تُصُوِّرَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عُلُوًّا فَعَلَى هَذَا لَوْ قُيِّدَ بِلَا يُخْشَى هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَيَّدْنَا لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ. وَالْغَرَرُ الْمَنْهِيُّ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِهِ عَمَلًا بِدَلَائِلِ الْجَوَازِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصِّحَّةِ دُونَ النَّفَاذِ وَاللُّزُومِ لِأَنَّ النَّفَاذَ وَاللُّزُومَ مَوْقُوفَانِ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ رِضَى الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ النَّقْضَ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَمَنْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا كَيْلًا) أَيْ بِشَرْطِ الْكَيْلِ (لَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ حَتَّى يَكِيلَهُ) ثَانِيًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا ابْتَعْت فَاكْتَلْ وَإِذَا بِعْت فَكِلْ» وَلِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي الْكَيْلِ الْأَوَّلِ إذْ رُبَّمَا يَنْقُصُ أَوْ يَزِيدُ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ حَرَامًا فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ لِكَوْنِهِ رِبَوِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى مُجَازَفَةً لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَسَادَ الْبَيْعِ وَنَصَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى فَسَادِهِ.
وَفِي الْفَتْحِ نَقْلًا عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ أَكَلَهُ وَقَدْ قَبَضَهُ بِلَا كَيْلٍ لَا يُقَالُ أَنَّهُ أَكَلَهُ حَرَامًا لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ أَثِمَ لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْكَيْلِ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ أَصْلًا فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا قَبَضَهَا فَمَلَكهَا فَأَكَلَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ لَيْسَ كُلُّ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إذَا أَكَلَهُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: أَكَلَ حَرَامًا (وَكَفَى كَيْلُ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَعْلُومًا بِهِ وَتَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَ (هُوَ الصَّحِيحُ) رَدٌّ لَمَّا قِيلَ شُرِطَ كَيْلَانِ: كَيْلُ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَكِيلُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ قُيِّدَ بِبَعْدِ الْعَقْدِ وَبِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا كَالَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ كَافِيًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْكَيْلِيِّ (الْوَزْنِيُّ وَالْعَدَدِيُّ) غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَيْ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَأْكُلُهُ حَتَّى يَزِنَهُ أَوْ يَعُدَّهُ ثَانِيًا وَيَكْفِي إنْ وَزَنَهُ أَوْ عَدَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ اشْتَرَى الْمَعْدُودَ عَدًّا كَالْمَوْزُونِ لِحُرْمَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْمَذْرُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ لِلْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ تَدَبَّرْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُمَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْوَزْنِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ بَيْعِ التَّعَاطِي أَمَّا هُوَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى وَزْنِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا وَإِنْ صَارَ بَيْعًا بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْوَزْنِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (لَا الْمَذْرُوعُ) أَيْ لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ إعَادَةِ الذَّرْعِ بَعْضَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذْ الذِّرَاعُ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ وَاحْتِمَالُ النَّقْصِ إنَّمَا يُوجِبُ خِيَارَهُ وَقَدْ أُسْقِطَ بِبَيْعِهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّرِ.
وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا وَإِنْ سَمَّى فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَذْرَعَ.
(وَصَحَّ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ) بِبَيْعٍ وَهِبَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute