وَإِنْ لَمْ يَتَجَانَسْ عَلَى زَعْمِ الْمُخَالِفِ يَجُوزُ أَيْضًا لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ» بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ (خِلَافًا لَهُمَا) لِانْتِقَاصِ الرَّطْبِ بِالْجَفَافِ وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.
(وَكَذَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْبُرِّ رَطْبًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ (أَوْ مَبْلُولًا بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ، وَ) بَيْعُ (التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مُنْقَعَيْنِ بِمِثْلِهِمَا مُتَسَاوِيًا) حَالٌ مِنْ الْجَمِيعِ يَعْنِي يَجُوزُ بَيْعُ الْبُرِّ رَطْبًا أَوْ مَبْلُولًا بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ وَبَيْعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ مُنْقَعَيْنِ بِمِثْلِهِمَا مُتَسَاوِيًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ حَالَ الْمَبِيعِ مُعْتَبَرٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَيُعْتَبَرُ التَّسَاوِي فِيهِ اخْتَلَفَتْ الصِّفَةُ أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ التَّسَاوِي فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ وَتَرَكَ أَبُو يُوسُفَ الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ تَحَقُّقُ التَّسَاوِي حَالَ الْعَقْدِ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ وَكَانَ مَعَ مُحَمَّدٍ لِحَدِيثِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوَيَنْقُصُ إذَا جَفَّ؟ فَقِيلَ نَعَمْ قَالَ لَا» فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى الْقِيَاسِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ حَيَوَانٍ بِلَحْمِ حَيَوَانٍ غَيْرِ جِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا) نَقْدًا.
(وَكَذَا اللَّبَنُ) وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَلَنَا أَنَّ الْأُصُولَ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا يُضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الذَّكْوَةِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهَا وَقَيَّدْنَا بِالنَّقْدِ لِأَنَّ بَيْعَهُ نَسِيئَةً غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ.
(وَالْجَامُوسُ مَعَ الْبَقَرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَا الْمَعْزُ مَعَ الضَّأْنِ وَالْبُخْتُ مَعَ الْعِرَابِ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِالْجَامُوسِ مُتَفَاضِلًا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بِدَلِيلِ الضَّمِّ فِي الذَّكَاةِ لِلتَّكْمِيلِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهُمَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ فَإِنَّهُمَا جِنْسَانِ فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مَعَ أَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصِّفَةِ؟ قُلْنَا إنَّمَا جَازَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْزُونٍ عَادَةً فَلَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودِ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصِّفَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ لِأَنَّهُ يُوزَنُ فِي عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ بِعَظْمِهِ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ الدَّقَلِ) نَقْدًا (مُتَفَاضِلًا) لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَغَايِرَانِ كَأَصْلِهِمَا (وَكَذَا شَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهَا مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ الضَّأْنِ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَالصُّوَرِ وَالْمَقَاصِدِ.
(وَ) يَجُوزُ بَيْعُ (الْخُبْزِ بِالْبُرِّ أَوْ الدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ مُتَفَاضِلًا) لِعَدَمِ التَّجَانُسِ لِأَنَّ الْخُبْزَ وَزْنِيٌّ أَوْ عَدَدِيٌّ، وَالْبُرَّ كَيْلِيٌّ بِالنَّصِّ وَلَمْ يَجْمَعْهَا قَدْرٌ وَكَذَا بَيْعُ الْخُبْزِ بِالدَّقِيقِ أَوْ السَّوِيقِ مُتَفَاضِلًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ التَّجَانُسِ فَلَمْ تُوجَدْ عِلَّةُ الرِّبَا هَذَا إذَا كَانَا نَقْدَيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً سَوَاءٌ كَانَ خُبْزًا أَوْ بُرًّا أَوْ دَقِيقًا فَيَجُوزُ فِي صُورَةِ كَوْنِ الْبُرِّ نَسِيئَةً عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ أُسْلِمَ مَوْزُونًا فِي مَكِيلٍ يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ قِيلَ يُفْتَى بِهِ وَيَجُوزُ فِي صُورَةِ كَوْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute