للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا بَدَأَهَا بِالدَّيْنِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا كَمَا لَوْ بَدَأَ بِالْعَيْنِ ضَرُورَةَ اتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ إذْ الْخَلْطُ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِيرُ قَابِضًا لِلْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَلَمْ يَبْرَأْ عَنْ الدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ كُرًّا وَدَفَعَ إلَيْهِ غَرَائِرَهُ لِيَكِيلَهُ فِيهَا فَفَعَلَ - وَهُوَ غَائِبٌ - لَمْ يَكُنْ قَبْضًا كَمَا فِي الْمِنَحِ.

(وَلَوْ) (أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ) مِنْ بُرٍّ مَثَلًا أَيْ جَعَلَ أَمَةً رَأْسَ الْمَالِ فِي اشْتِرَاءِ كُرٍّ بِعَقْدِ السَّلَمِ (وَقُبِضَتْ) الْأَمَةُ أَيْ قَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (ثُمَّ تَقَايَلَا) عَقْدَ السَّلَمِ (فَمَاتَتْ) أَيْ، ثُمَّ مَاتَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَبْلَ رَدِّهَا) أَيْ الْأَمَةِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ (بَقِيَ التَّقَايُلُ) عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ بِهَلَاكِهَا (وَتَجِبُ) عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (يَوْمَ قَبَضَهَا) أَيْ الْأَمَةَ.

(وَلَوْ مَاتَتْ) الْأَمَةُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ (ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّ التَّقَايُلُ) أَيْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِقَالَةِ بَقَاءُ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَبْقَى بِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهِ، وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَقَدْ عَجَزَ بِمَوْتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ تَقَابَضَا، ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا أَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ يَوْمُ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الضَّمَانِ كَالْغَصْبِ.

(وَكَذَا الْمُقَايَضَةُ) وَهِيَ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ (فِي الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمَوْتُ بَعْدَ التَّقَايُلِ وَالتَّقَايُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ، فَفِي الْبَاقِي يُعْتَبَرُ الْمَبِيعَةُ وَفِي الْهَلَاكِ الثَّمَنِيَّةُ (بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ فِيهِمَا) أَيْ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ الْأَمَةُ وَلَا يَبْقَى الْعَقْدُ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ ابْتِدَاءً وَلَا تَبْقَى انْتِهَاءً لِانْعِدَامِ مَحَلِّهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ: تَقَايَلَا الْبَيْعَ فِي عَبْدٍ فَأَبَقَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ، وَالْبَيْعُ بِحَالِهِ.

(وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ عَاقِدَيْ السَّلَمِ بَيَانَ الْأَجَلِ أَوْ) ادَّعَى (اشْتِرَاطَ الرَّدَاءَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرَطْنَا التَّأْجِيلَ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرَطْنَا طَعَامًا رَدِيًّا وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْتَرِطْ (فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِمَا) أَيْ لِمُدَّعِي الْأَجَلِ وَالرَّدَاءَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيهِمَا رَبَّ السَّلَمِ أَوْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الصِّحَّةَ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ خَصْمُهُ إذْ الظَّاهِرُ شَاهِدٌ لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ مَعْصِيَةٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.

(وَقَالَا لِلْمُنْكِرِ إنْ كَانَ) الْمُنْكِرُ (رَبَّ السَّلَمِ فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى) أَيْ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَهُمَا إذَا ادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ التَّأْجِيلَ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقًّا عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَجَلُ (أَوْ) كَانَ الْمُنْكِرُ (الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الرَّدَاءَةُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ كَلَامُهُ تَعَنُّتًا

<<  <  ج: ص:  >  >>