للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحْتَالُ (إلَّا إذَا تَوِيَ حَقُّهُ) فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «إذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ» وَلِأَنَّ بَرَاءَتَهُ مُقَيَّدَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّهِ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ السَّلَامَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ عِنْد التَّوَى بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَمُرَادُهُ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بَاقِيَةً أَمَّا إذَا فُسِخَتْ الْحَوَالَةُ فَإِنَّ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: إنَّ حُكْمَهَا يَنْتَهِي بِفَسْخِهَا وَبِالتَّوَى، وَقَوْلُهُ وَبِالتَّوَى مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْمُحِيلُ هُوَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ ثَانِيًا لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ: رَجُلٌ أَحَالَ رَجُلًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ أَحَالَهُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ بَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ فَإِنْ تَوِيَ الْمَالُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ لَا يَعُودُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ الْأَوَّلِ (وَهُوَ بِمَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا) بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عَيْنًا وَلَا دَيْنًا وَلَا كَفِيلًا (أَوْ إنْكَارِهِ) أَيْ إنْكَارِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (الْحَوَالَةَ وَحَلِفِهِ) أَيْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِلْمُحْتَالِ وَالْمُحِيلِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَوَالَةِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ يَتَحَقَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَهُوَ التَّوَى فِي الْحَقِيقَةِ (وَعِنْدَهُمَا بِتَفْلِيسِ الْقَاضِي إيَّاهُ) أَيْ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ (أَيْضًا) لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْأَخْذِ مِنْهُ بِتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ، وَقَطْعُهُ عَنْ مُلَازَمَتِهِ عِنْدَهُمَا كَعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِيفَاءِ بِمَوْتِهِ مُفْلِسًا وَبِالْجُحُودِ.

قَيَّدْنَا بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ كَفِيلًا لِأَنَّ وُجُودَ الْكَفِيلِ يَمْنَعُ مَوْتَهُ مُفْلِسًا عَلَى مَا فِي الزِّيَادَاتِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا يَمْنَعُ، وَإِنَّ الْمُحْتَالَ لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَخَذَ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ كَفِيلًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، سَوَاءٌ كَفَلَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَالْكَفَالَةُ حَالَّةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ، أَوْ كَفَلَ حَالًّا، ثُمَّ أَجَّلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ كَفِيلٌ وَلَكِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ أَوْ رَهَنَ بِهِ رَهْنًا، ثُمَّ مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ مُفْلِسًا فَالْقَوْلُ لِلْمُحْتَالِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ.

(وَتَصِحُّ) الْحَوَالَةُ (بِالدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ) يَعْنِي إذَا أَوْدَعَ رَجُلٌ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَحَالَ بِهَا عَلَيْهِ آخَرَ صَحَّ، لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْجَوَازِ (وَيَبْرَأُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ) عَنْ الْحَوَالَةِ (بِهَلَاكِهَا) كَالزَّكَاةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالنِّصَابِ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ الْتَزَمَ الْأَدَاءَ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَهِيَ قَدْ هَلَكَتْ أَمَانَةً، وَأَيْضًا يَبْرَأُ الْمُودَعُ عَنْ الْحَوَالَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ الْمُودَعَةُ فَيَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ.

(وَبِالْمَغْصُوبَةِ) أَيْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي غَصَبَهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحِيلِ (وَلَا يَبْرَأُ بِهَلَاكِهَا) أَيْ لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَلَاكِ الْمَغْصُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْحَوَالَةَ لِأَنَّهُ فَاتَ إلَى خَلَفٍ - وَهُوَ الضَّمَانُ - وَالْخَلَفُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ وَكَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا مَعْنًى فَلَا يَبْطُلُ وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>