الْمَوْلَى، وَالْمَوْلَى يُحْبَسُ بِدَيْنِ مُكَاتَبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَيُحْبَسُ بِدَيْنٍ آخَرَ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ مَرِضَ) الْمَحْبُوسُ (فِي الْحَبْسِ لَا يُخْرَجُ) مِنْ الْحَبْسِ (إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِيُضْجِرَ قَلْبَهُ فَيَتَسَارَعَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَبِالْمَرَضِ يَزْدَادُ ضَجَرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهِ (أُخْرِجَ) مِنْ الْحَبْسِ بِكَفِيلٍ لِئَلَّا يَهْلِكَ كَمَا لَوْ مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُخْرِجُهُ، وَالْهَلَاكُ فِي السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (وَلَا يُمَكَّنُ الْمُحْتَرِفُ مِنْ اشْتِغَالِهِ) بِالْحِرْفَةِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَبْسِ (هُوَ الصَّحِيحُ) وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ عَسَى تَكُونُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يُؤَاجِرُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ آجَرَهُ وَأَدَّى دَيْنَهُ بِمَا سِوَى قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ (وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي السِّجْنِ (خَلْوَةٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَى الْجِمَاعِ لَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي السِّجْنِ مَوْضِعُ سُتْرَةٍ لِأَنَّ اقْتِضَاءَ شَهْوَةِ الْفَرْجِ كَاقْتِضَاءِ شَهْوَةِ الْبَطْنِ، وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مِنْ فُضُولِ الْحَوَائِجِ، انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْجَارِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وُصُولِ امْرَأَتِهِ كَذَلِكَ تَدَبَّرْ.
(وَإِذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ) لِلْحَبْسِ عَلَى الِاخْتِلَافِ (وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّى سَبِيلَهُ) هَذَا تَكْرَارٌ لَكِنْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَبْسِ عِنْدَ الْإِمَامِ (بَلْ يُلَازِمُونَهُ) لِأَنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ إلَى زَمَانِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيفَاءِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَيُلَازِمُونَهُ كَيْ لَا يُخْفِيَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْتَسِبُ فَوْقَ حَاجَتِهِ الدَّارَّةِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ فَضْلَ كَسْبِهِ (وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ) تَفْسِيرٌ لِلْمُلَازَمَةِ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَدُورُونَ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (وَيَأْخُذُونَ فَضْلَ كَسْبِهِ) بِلَا اخْتِيَارِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي (وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ) لِاسْتِوَاءِ حُقُوقِهِمْ فِي الْقُوَّةِ لَكِنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ آثَرَ أَحَدَ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِاخْتِيَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (وَالْمُلَازَمَةُ أَنْ يَدُورُوا مَعَهُ حَيْثُ دَارَ فَإِنْ دَخَلَ دَارِهِ) لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ، وَ (جَلَسُوا عَلَى الْبَابِ) إلَى أَنْ يَخْرُجَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ.
(وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِرَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (لَا يُلَازِمُهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ (بَلْ يَبْعَثُ امْرَأَةً) أَمِينَةً (تُلَازِمُهَا وَقَالَا إذَا فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا حَكَمَ بِإِفْلَاسِهِ (يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ) أَيْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا مُلَازَمَتَهُ (إلَى أَنْ يُبَرْهِنُوا أَنَّ لَهُ مَالًا) لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْإِفْلَاسِ عِنْدَهُمَا يَصِحُّ فَتَثْبُتُ الْعُسْرَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute