شَهَادَةُ كُلِّهَا لِاشْتِدَادِ فِسْقِهِمْ وَلَنَا أَنَّ فِسْقَهُمْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِقَادُ وَلَمْ يُوقِعْهُمْ فِي هَذَا الْهَوَى إلَّا تَدَيُّنُهُمْ فَصَارَ كَمَنْ يَشْرَبُ الْمُثَلَّثَ، أَوْ يَأْكُلُ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا مُسْتَبِيحًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْفِسْقِ مِنْ حَيْثُ التَّعَاطِي (إلَّا الْخَطَّابِيَّةَ) هُمْ قَوْمٌ مِنْ غُلَاةِ الرَّوَافِضِ يَعْتَقِدُونَ اسْتِحْلَالَ الشَّهَادَةِ لِكُلِّ مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مُحِقٌّ وَقِيلَ يَرَوْنَ الشَّهَادَةَ لِشِيعَتِهِمْ وَاجِبَةً فَتُمَكَّنَ التُّهْمَةُ فِي شَهَادَتِهِمْ فَلَا تُقْبَلُ.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (الذِّمِّيِّ عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ عَلَى ذِمِّيٍّ آخَرَ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (اخْتَلَفَا مِلَّةً) كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إذْ الْكُفْرُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا تُقْبَلُ إنْ تَخَالَفَا اعْتِقَادًا وَفِي الْغَرَرِ وَتُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ مَوْلَاهُ مُسْلِمٌ، أَوْ عَلَى حُرٍّ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ بِلَا عَكْسٍ.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ (عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ) ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ أَعْلَى حَالًا مِنْهُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلِهَذَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ لَا بِالْمُسْتَأْمَنِ (دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِ عَلَى الذِّمِّيِّ لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَدْنَى حَالًا مِنْهُ.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (الْمُسْتَأْمَنِ عَلَى مِثْلِهِ إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ) حَتَّى لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ كَالرُّومِ وَالتُّرْكِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُنْقَطِعَةٌ بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَتَيْنِ وَلِهَذَا لَا يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ مِلَّةٍ عَلَى أَهْلِ مِلَّةٍ أُخْرَى.
(وَ) تُقْبَل شَهَادَةُ (عَدُوٍّ بِسَبَبِ الدِّينِ) أَيْ بِأَمْرٍ دِينِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْذِبُ لِدِينِهِ كَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ ضِمْنًا؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ بِسَبَبِ الدُّنْيَا.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مَنْ أَلَمَّ بِصَغِيرَةٍ) أَيْ ارْتَكَبَ صَغِيرَةً بِلَا إصْرَارٍ عَلَيْهَا (إنْ اجْتَنِبْ الْكَبَائِرَ) أَيْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْكَبَائِرِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ اجْتِنَابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الْكَبَائِرِ فَلَوْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مَرَّاتٍ قَبْلَ شَهَادَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَبِيرَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا كَانَ شَنِيعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالدِّينِ (وَغَلَبَ صَوَابُهُ) عَلَى خَطَئِهِ أَيْ كَثُرَتْ حَسَنَاتُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَيِّئَاتِهِ مِمَّنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ، وَفِي الِاخْتِيَارِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ مُعْتَادًا لِلصِّدْقِ مُجْتَنِبًا عَنْ الْكَذِبِ صَحِيحَ الْمُعَامَلَةِ فِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مُؤَدِّيًا لِلْأَمَانَةِ قَلِيلَ اللَّهْوِ وَالْهَذَيَانِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَغُرَّنَّكُمْ طَنْطَنَةُ الرَّجُلِ فِي صَلَاتِهِ اُنْظُرُوا إلَى حَالِهِ عِنْدَ دِرْهَمِهِ وَدِينَارِهِ أَمَّا الْإِلْمَامُ بِمَعْصِيَةٍ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِمَا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ مِنْ سَدِّ بَابِ الشَّهَادَةِ انْتَهَى.
(وَ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (الْأَقْلَفِ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ عَنْ قَيْدِ الْخِتَانِ لِكَوْنِهِ سُنَّةً عِنْدَنَا أَطْلَقَهُ تَبَعًا لِمَا فِي الْكَنْزِ لَكِنْ قَيَّدَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَتْرُكَهُ لِعُذْرٍ كَالْكِبَرِ، أَوْ خَوْفِ الْهَلَاكِ أَمَّا إذَا تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِعْرَاضِ عَنْ السُّنَّةِ، أَوْ الِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ فَلَا تُقْبَلُ فَالْإِمَامُ لَمْ يُقَدِّرْ وَقْتَ الْخِتَانِ بِوَقْتٍ وَغَيْرُهُ مِنْ وَقْتِ