للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي السِّرَاجِ فَعَلَى هَذَا إنَّ ذِكْرَ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ بِحَصْرٍ (أَوْ سَفَرٍ) شَرْعِيٍّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ جَوَازَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِنَّمَا تَمَسُّ عِنْدَ عَجْزِ الْأَصْلِ وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ بِلَا مِرْيَةٍ فَلَوْ كَانَ الْفَرْعُ بِحَيْثُ لَوْ حَضَرَ الْأَصْلُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ أَمْكَنَهُ الْبَيْتُوتَةُ فِي مَنْزِلِهِ لَمْ تُقْبَلْ وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ تُقْبَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ وَالْمُضْمَرَاتِ قَالُوا الْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَالثَّانِي أَرْفَعُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ كَيْفَ مَا كَانَ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْمَصْرِ.

(وَ) شَرْطٌ (أَنْ يَشْهَدَ عَنْ كُلِّ أَصْلٍ اثْنَانِ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ خِلَافًا لِمَالِكٍ (لَا) يَشْتَرِطُ (تَغَايُرَ فَرْعَيْ الشَّاهِدَيْنِ) بَلْ يَكْفِي الْفَرْعَانِ لِلْأَصْلَيْنِ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ وَاحِدٍ ثُمَّ شَهِدَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ آخَرَ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ تُقْبَلُ عِنْدَنَا لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ إلَّا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ ذَكَرَهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالتَّغَايُرِ وَلَمْ يَرْوِ غَيْرُهُ خِلَافَهُ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الْفَرْعِ أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرَعَيْنَ قَامَا مَقَامَ أَصْلٍ وَاحِدٍ فَصَارَا كَالْمَرْأَتَيْنِ وَذَكَرَ فِي الْكَنْزِ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ انْتَهَى.

وَظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْحَاوِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ سَهْوٌ وَمَا وَقَعَ فِي الْكَنْزِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِتَمَامِ النِّصَابِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ رَجُلًا؛ لِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا أَنْ تُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهَا رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ كُلِّ امْرَأَةٍ نِصَابُ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.

(وَصِفَتُهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (أَنْ يَقُولَ) الشَّاهِدُ (الْأَصْلُ) أَيْ أَصْلُ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ عِنْدَ التَّحْمِيلِ مُخَاطِبًا لِلْفَرْعِ (اشْهَدْ) عِنْدَ الْحَاجَةِ أَمْرٌ مِنْ الثَّلَاثِي فَلَوْ أَشْهَدَ رَجُلًا وَهُنَاكَ رَجُلٌ يَسْمَعُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ (عَلَى شَهَادَتِي) فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) أَيْ بِأَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَقَرَّ عِنْدِي لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْجُمْلَةُ بَدَلٌ مِنْ الْمَجْرُورِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى شَهَادَتِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: اشْهَدْ عَلَيَّ بِذَلِكَ لَمْ تَجُزْ لَهُ الشَّهَادَةُ وَقَيَّدَ بِعَلَيَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِشَهَادَتِي لَمْ تَجُزْ لَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قَيَّدَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ اخْتِلَافًا بَيْنَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا سَمِعَاهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَأَشَارَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ قَوْلِهِ إلَى أَنَّ سُكُوتَ الْفَرْعِ عِنْدَ تَحَمُّلِهِ يَكْفِي لَكِنْ لَوْ قَالَ: لَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ شَاهِدًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَةِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>