بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْءٌ انْتَهَى.
لَكِنْ ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَقِيبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ ضَمِنَ الرَّجُلُ نِصْفَ الْمَالِ وَلَمْ تَضْمَنْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فِي قَوْلِهِمَا وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ نِصْفُ الْمَالِ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ عَلَى الرَّجُلِ وَثُلُثُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ اخْتَارَ قَوْلَهُمَا فَلَا سَهْوَ تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ فَرَجَعُوا فَالْغُرْمُ عَلَى الرَّجُلَيْنِ خَاصَّةً) ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ بَلْ هِيَ بَعْضُ الشَّاهِدِ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ (وَلَا يَضْمَنُ رَاجِعٌ شَهِدَ بِنِكَاحٍ بِمَهْرٍ مُسَمًّى عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ (أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ، الْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ كَانَ قِصَاصًا، أَوْ نِكَاحًا، أَوْ نَحْوَهُمَا لَمْ يَضْمَنْ الشُّهُودُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَ مَالًا فَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِعِوَضٍ يُعَادِلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ كَلَا إتْلَافٍ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لَا يُعَادِلُهُ فَبِقَدْرِ الْعِوَضِ لَا ضَمَانَ بَلْ فِيمَا وَرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ الْإِتْلَافُ بِلَا عِوَضٍ أَصْلًا وَجَبَ ضَمَانُ الْكُلِّ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا وَهِيَ جَاحِدَةٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقُضِيَ بِالنِّكَاحِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَضْمَنَا لَهَا شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَمَّى مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ أَتْلَفَا الْبُضْعَ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ لَا يَعْدِلُهُ لَكِنَّ الْبُضْعَ لَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ ضَرُورَةَ التَّمَلُّكِ فَإِنَّ ضَمَانَ الْإِتْلَافِ يُقَدَّرُ بِالْمِثْلِ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَأَمَّا عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَقَدْ صَارَ مُتَقَوِّمًا إظْهَارًا لِخَطَرِهِ كَمَا فِي الدُّرَرِ (إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ) يَعْنِي إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الْمُسَمَّى، أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا الْمَهْرَ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ، أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبُضْعُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْإِتْلَافَ بِعِوَضٍ يَعْدِلُهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ضَمِنَا الزِّيَادَةَ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا قَدْرَ الزِّيَادَةِ بِلَا عِوَضٍ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا بِقَبْضِ الْمَهْرِ، أَوْ بَعْضِهِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ ضَمِنَا لَهَا (وَلَا) يَضْمَنُ (مَنْ شَهِدَ بِطَلَاقٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا إتْلَافَ (وَيَضْمَنُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ الْمَهْرِ) إنْ كَانَ مُسَمًّى، أَوْ الْمُتْعَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى؛ لِأَنَّهُمَا أَكَّدَا ضَمَانًا عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ، أَوْ ارْتَدَّتْ سَقَطَ الْمَهْرُ؛ وَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ فَيُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِ الْمَهْرِ ثُمَّ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً بِطَرِيقِ الْمُتْعَةِ وَكَانَ وَاجِبًا بِشَهَادَتِهِمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالثَّانِي لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ وَفِي التَّنْوِيرِ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَآخَرَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعُوا فَضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى شُهُودِ الثَّلَاثِ لَا غَيْرَ وَلَوْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute