عَنْ مَصَالِحِهِ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَلْ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي حَالِهِ وَعِدَّةِ أَيَّامِ سَفَرِهِ، أَوْ يَسْأَلُ عَنْ رُفَقَائِهِ (أَوْ) يَكُونُ الْمُوَكِّلُ امْرَأَةً (مُخَدَّرَةً غَيْرَ مُعْتَادَةِ الْخُرُوجِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ) سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْحَقَائِقِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ حَضَرَتْ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَنْطِقَ بِحَقِّهَا لِحَيَائِهَا فَلَزِمَ تَوْكِيلُهَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ، أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَوْسَاطِ فَالْقَوْلُ لَهَا أَيْضًا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَسَافِلِ فَلَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا، أَوْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ شَاهِدٍ لَهَا كَمَا فِي الْمِنَحِ. وَمِنْ الْأَعْذَارِ الْحَيْضُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْحَبْسُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْقَاضِي تَرَافَعُوا إلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَرْضَى بِالتَّأْخِيرِ وَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِهِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا وَأَمَّا حَيْضُ الطَّالِبِ فَهُوَ عُذْرٌ مُطْلَقًا وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ انْتَهَى.
وَفِيهِ كَلَامٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَسْمَعَ الْخُصُومَةَ، أَوْ يُرْسِلَ إلَيْهَا ثَانِيًا لِيَرْفَعَ الْخُصُومَةَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فَلَا وَجْهَ لِعَدِّهِ مِنْ الْأَعْذَارِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ تُعَدَّ الْجَنَابَةُ وَالْكُفْرُ مِنْ الْأَعْذَارِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُمَا مِنْهَا تَأَمَّلْ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (لَا يُشْتَرَطُ رِضَى الْخَصْمِ) فَيَلْزَمُ بِلَا رِضَاهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَى غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ بِقَضَاءِ الدُّيُونِ وَلَهُ أَنَّ التَّوْكِيلَ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ خُصُومَةً وَآكَدُ إنْكَارًا فَيَتَضَرَّرُ بِهِ خَصْمُهُ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهُ كَالْحَوَالَةِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّ الْقَاضِيَ إنْ عَلِمَ مِنْ الْوَكِيلِ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِخَصْمِهِ يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ خَصْمِ الْمُوَكِّلِ التَّعَنُّتَ فِي الْإِبَاءِ مِنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ يَعْمَلُ بِقَوْلِ صَاحِبِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ.
(وَحُقُوقُ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ كَبَيْعٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ بِعْت هَذَا الشَّيْءَ مِنْك وَلَا يَقُولُ بِعْته مِنْك مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ وَكَذَا غَيْرُهُ (وَإِجَارَةٍ) وَاسْتِئْجَارٍ (وَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ) دُونَ إنْكَارٍ كَمَا سَيَأْتِي (تَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ مُوَكِّلِهِ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِكَلَامِهِ وَنَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَرَاعَيْنَا جِهَةَ أَصَالَتِهِ فِي تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ حَتَّى لَوْ شَرَطَ عَدَمَ حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْوَكِيلِ فَهُوَ لَغْوٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَابِعَةٌ لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْمِلْكُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ فَكَذَا تَوَابِعُهُ وَاعْتُبِرَهُ بِالرَّسُولِ وَبِالْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْوَكِيلُ صَبِيًّا، أَوْ عَبْدًا.
(مَحْجُورًا) إشَارَةً إلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ وَالصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ تَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْحُقُوقُ وَتَلْزَمُهُمَا الْعُهْدَةُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: الْمَأْذُونُ لَهُ إنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ تَلْزَمُهُ الْحُقُوقُ سَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute