إلَى فُلَانٍ فِي كَذَا صَحَّ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ: إلَى مَنْ شِئْت فَعَلَى الْخِلَافِ وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَا عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَمَنْ يَعْقِدُ عَقْدَ الصَّرْفِ صَحَّ بِالِاتِّفَاقِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ مَا عَسَى يُتَوَهَّمُ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِمَا لَا يَجُوزُ لِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ تَأَمُّلٌ.
(وَلَوْ وَكَّلَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ) أَيْ نَفْسَ الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (مِنْ سَيِّدِهِ) بِأَنْ قَالَ فُلَانٌ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ سَيِّدِك بِأَلْفٍ مَثَلًا (فَإِنْ قَالَ) الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ لِسَيِّدِهِ (بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ) بِأَلْفٍ (فَبَاعَ) السَّيِّدُ (فَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ لَأَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَيَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا عَنْ نَفْسِهِ فِي حُكْمِ الْمَالِيَّةِ فَإِذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْآمِرِ صَلُحَ شِرَاؤُهُ لِلِامْتِثَالِ فَيَقَعُ لِلْآمِرِ.
(وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) الْعَبْدُ (لِفُلَانٍ عَتَقَ) الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ الِامْتِثَالُ لِلْآمِرِ وَالْآخَرُ هُوَ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَقَعُ امْتِثَالًا بِالشَّكِّ فَبَقِيَ التَّصَرُّفُ وَاقِعًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلْآمِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَوْلَى بِعْت وَإِنْ وَقَعَ لِلْعَبْدِ يُكْتَفَى بِقَوْلِ الْمَوْلَى بِعْت بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْنِي نَفْسِي؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ عَلَى الْعَبْدِ فِيهِمَا لَا عَلَى الْآمِرِ.
(وَإِنْ وَكَّلَ الْعَبْدُ غَيْرَهُ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ لِلسَّيِّدِ: اشْتَرَيْته) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدَ (لِنَفْسِهِ فَبَاعَ) السَّيِّدُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ (عَتَقَ) الْعَبْدُ (عَلَى السَّيِّدِ وَوَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ الْعَبْدِ (لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِهِ الْعَبْدَ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَشِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَبُولُ الْإِعْتَاقِ بِبَدَلٍ وَالْمَأْمُورُ سَفِيرٌ عَنْهُ إذْ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى.
(وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِنَفْسِهِ) عِنْدَ اشْتِرَائِهِ (فَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (لِلْوَكِيلِ) لِكَوْنِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا فَيَقَعُ التَّصَرُّفُ لِنَفْسِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ الْعَبْدِ لِكَوْنِهِ عَاقِدًا (وَمَا أَعْطَاهُ الْعَبْدُ) لِلْوَكِيلِ (لِأَجْلِ الثَّمَنِ لِلْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ (وَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: لِمَنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ اشْتَرَيْت لَك عَبْدًا فَمَاتَ) أَيْ الْعَبْدُ عِنْدِي (وَقَالَ الْمُوَكِّلُ) لَا بَلْ (اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجِبْ (دَفَعَ الثَّمَنَ) إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الثَّمَنَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ وُجِدَ دَفَعَ الثَّمَنَ (فَلِلْوَكِيلِ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَالْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ، وَقَدْ أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَغَيْرُهُ إنَّ الْعَبْدَ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ حَيٌّ فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَا لِنَفْسِهِ إجْمَاعًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ أَمْرٍ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ وَالْمَخْبَرُ بِهِ فِي التَّحَقُّقِ وَالثُّبُوتِ يُسْتَغْنَى عَنْ الْإِشْهَادِ فَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مَيِّتًا، وَالْحَالُ إنَّ الثَّمَنَ مَنْقُودٌ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَقَدْ ادَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute