حُمِلَ حَالُهُ عَلَى الصَّلَاحِ كَمَا فِي حَالَةِ التَّكَاذُبِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْإِسْلَامِ فِي الطَّعَامِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ انْتَهَى.
(وَيُعْتَبَرُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ لَا الْمُوَكِّلِ) فَيَبْطُلُ عَقْدُهُمَا بِمُفَارَقَةِ الْوَكِيلِ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِوُجُودِ الِافْتِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَلَا يَبْطُلُ بِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ إذْ الْقَبْضُ لِلْعَاقِدِ وَهُوَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمُوَكِّلُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لَا يُعْتَبَرُ مُفَارَقَةُ الْوَكِيلِ ضَعِيفٌ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ أَصْلًا فِي الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ فِيهِمَا لَا يُعْتَبَرُ مُفَارَقَتُهُ؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ فِي الْعَقْدِ لَا فِي الْقَبْضِ وَيَنْتَقِلُ كَلَامُهُ إلَى الْمُرْسِلِ فَصَارَ قَبْضُ الرَّسُولِ قَبْضَ غَيْرِ الْعَاقِدِ فَلَمْ يَصِحَّ.
(وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ (بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ (فَبَاعَ ثُمَّ أَنْكَرَ) الْمُشْتَرِي (كَوْنَ زَيْدٍ أَمَرَ) بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَوْلِهِ لِزَيْدٍ (فَلِزَيْدٍ أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الْمَبِيعِ جَبْرًا (إنْ لَمْ يُصَدِّقْ إنْكَارَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ بِعْنِي هَذَا لِزَيْدٍ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى إنْكَارِهِ لِلتَّنَاقُضِ (فَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ زَيْدٌ إنْكَارَهُ بِأَنْ قَالَ لَمْ آمُرْهُ بِالشِّرَاءِ (لَا يَأْخُذُهُ) زَيْدٌ (جَبْرًا) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي ارْتَدَّ بِرَدِّهِ (فَإِنْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ) أَيْ إلَى زَيْدٍ (صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يُوجَدُ بَيْنَهُمَا حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَلَوْ فُضُولِيًّا كَالْبَائِعِ وَالْمُوَكِّلُ كَالْمُشْتَرِي فَصَارَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي.
(وَمَنْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ رِطْلِ لَحْمٍ بِدِرْهَمٍ فَشَرَى رِطْلَيْنِ بِدِرْهَمٍ مِمَّا) أَيْ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي (يُبَاعُ رِطْلٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَ) فِي هَذَا الْبَيْعِ (مُوَكِّلَهُ) مِنْ اللَّحْمِ (رِطْلٌ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ) عَنْ الْإِمَامِ قَيَّدَ بِمِمَّا يُبَاعُ رِطْلٌ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لَحْمًا لَا يُبَاعُ رِطْلٌ بِدِرْهَمٍ بَلْ أَقَلَّ يَكُونُ الشِّرَاءُ وَاقِعًا لِلْوَكِيلِ بِالْإِجْمَاعِ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ (الرِّطْلَانِ بِالدِّرْهَمِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَرْفِ الدِّرْهَمِ فِي اللَّحْمِ وَفَعَلَ الْمَأْمُورُ وَزَادَهُ خَيْرًا فَصَارَ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ وَلَهُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِشِرَاءِ رِطْلٍ مُقَدَّرٍ وَلَيْسَ بِمَأْمُورٍ بِشِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَنَفَذَ شِرَاءُ رِطْلٍ عَلَيْهِ وَشِرَاءُ رِطْلٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَا بِهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَاكَ بَدَلُ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ فَتَكُونُ لَهُ قِيلَ إنَّ مُحَمَّدًا هُنَا مَعَ الْإِمَامِ فِي قَوْلِ قَيَّدَ بِالْمَوْزُونَاتِ؛ لِأَنَّ فِي الْقِيَمِيَّاتِ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَمَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَاهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الدَّرَاهِمِ مِثْلُ الدَّنَانِيرِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَلَوْ بِعَرْضٍ وَقِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّرَاهِمِ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إجْمَاعًا.
(وَلَوْ وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدَيْنِ بِعَيْنِهِمَا) بِلَا ذِكْرِ ثَمَنِهِمَا (فَشَرَى) الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ (أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِنُقْصَانٍ (جَازَ) عَنْ الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَكَذَا لَا يَتَّفِقُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الشِّرَاءِ إلَّا فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَهُوَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ بِالْمُتَعَارَفِ وَالْمُتَعَارَفُ فِيمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ؛ فَلِهَذَا قُلْنَا بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِنُقْصَانٍ.
(وَكَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute