وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِذَا لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمَرِيضِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَلِكَ الْمُقَايَضَةُ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ مُطْلَقُ اسْمِ الْبَيْعِ قَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ: وَبَيْعُ الْمُضَارِبِ وَالْمُفَاوِضِ وَشَرِيكِ الْعِنَانِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَصِحُّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَمَّا بَيْعُ الْوَلِيِّ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي لَا يَصِحُّ بِالْأَقَلِّ إلَّا بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالنَّسِيئَةِ) إنْ كَانَ ذَلِكَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مُتَعَارَفٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ بَيْعٌ مُطْلَقٌ خَالِيًا عَنْ التُّهْمَةِ فَيَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْأَجَلِ الْمُتَعَارَفِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِنَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا فَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ وَإِنَّمَا قَيْدُنَا لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَلْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا يَجُوزُ كَالْمَرْأَةِ إذَا دَفَعَتْ غَزْلًا إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَهُ لَهَا يَتَعَيَّنُ النَّقْدُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَبِهِ يُفْتَى وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْخُلَاصَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ: بِعْهُ فَإِنِّي مُحْتَاجٌ إلَى ثَمَنِهِ وَهُوَ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ نَسِيئَةً كَمَا فِي النُّتَفِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَامَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْحَاجَةِ انْتَهَى.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: بِعْهُ إلَى أَجَلٍ فَبَاعَهُ بِالنَّقْدِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَ) يَجُوزُ (بَيْعُ نِصْفِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ) كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ فَيُعْمَلُ بِإِطْلَاقِهِ وَعِنْدَهُمَا وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوز لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ قَبْلَ نَقْضِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِالتَّفْرِيقِ وَالتَّقْسِيمِ وَإِلَّا يَجُوزُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ إذْ لَيْسَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ أَصْلًا كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَلِذَا قُلْنَا كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ.
(وَ) يَجُوزُ (أَخْذُهُ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ (بِالثَّمَنِ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا) لِلِاسْتِيثَاقِ (فَلَا يَضْمَنُ) الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْقِيمَةَ لِلرَّاهِنِ (إنْ تَوَى) أَيْ هَلَكَ (مَا عَلَى الْكَفِيلِ) مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ ضَاعَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ مِنْهَا وَالْكَفَالَةُ تُوَثَّقُ بِهِ وَالِارْتِهَانُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُهُمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ نِيَابَةً وَقَدْ أَنَابَهُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَأَخْذِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَقْبِضُ أَصَالَةً وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ حَجْرَهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَخْذُ الْكَفِيلِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْهِدَايَةِ عَلَى أَخْذِ الْكَفِيلِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ فَهُوَ حَوَالَةٌ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبُولُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ قَدْ سَقَطَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute