وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِالْمُخَالَفَةِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَكَانَتْ التُّهْمَةُ بَاقِيَةً كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالُوا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ تَتَبَّعْ.
(وَلَوْ وُكِّلَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ جَازَ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (وَقَالَا لَا يَجُوزُ) بَيْعُهُ بِمَا يَتَعَيَّبُ بِالشَّرِكَةِ كَالْعَبْدِ لَا بِمَا لَا يَتَعَيَّبُ كَالْبُرِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا مَرَّ (إلَّا إنْ بَاعَ الْبَاقِيَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ) أَيْ قَبْلَ الِاخْتِصَامِ إلَى الْقَاضِي وَنَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِعَوْدِهِ إلَى الْوِفَاقِ (وَهُوَ) أَيْ جَوَازُهُ إنْ بَاعَ الْبَاقِيَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ (اسْتِحْسَانٌ) عِنْدَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَعَ أَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ وَبَيْعُ نِصْفِ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ جَازَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى تُذْكَرُ بِلَا خِلَافٍ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فَذَكَرَهَا لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَهَا فِيمَا سَبَقَ وَذَكَرَهَا هُنَا جَمِيعًا كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ) لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (إلَّا إنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً إلَى الِامْتِثَالِ بِأَنْ كَانَ مَوْرُوثًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْفَرْقُ لِلْإِمَامِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنَّ الْأَمْرَ فِي الْبَيْعِ صَادَفَ مِلْكَهُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ إطْلَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ.
وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُطْلَقًا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ خَالَفَهُ بِشِرَاءِ نِصْفٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إلَّا بَعْدَ شِرَائِهِ فَبِهَذَا ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ شِرَاءُ النِّصْفِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ رَدَّ الْبَيْعَ) أَيْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ (عَلَى الْوَكِيلِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ) أَيْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي (رَدَّهُ) الْوَكِيلُ (عَلَى آمِرِهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبِ الْبَيِّنَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِنُكُولِ الْوَكِيلِ حِينَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، أَوْ إقْرَارِ الْوَكِيلِ عِنْدَ الْقَاضِي (فِيمَا) أَيْ فِي عَيْبٍ (لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْوَكِيلُ مُضْطَرِبٌ فِي النُّكُولِ لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عِلْمِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْبَيْعَ فَلَزِمَ الْآمِرَ فَكَذَا بِإِقْرَارِهِ فِيمَا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ تَيَقَّنَ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَمْ يَكُنْ قَضَاؤُهُ مُسْتَنِدًا إلَى هَذِهِ الْحِجَجِ ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَهَا فِيمَا كَانَ تَارِيخُ الْبَيْعِ مُشْتَبِهًا عَلَى الْقَاضِي، أَوْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا النِّسَاءُ، أَوْ الْأَطِبَّاءُ فَإِنَّ قَوْلَهُنَّ وَقَوْلَ الطَّبِيبِ حُجَّةٌ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فَيَفْتَقِرُ إلَى إحْدَى هَذِهِ الْحُجَجِ لِلرَّدِّ حَتَّى لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي تَارِيخَ الْبَيْعِ وَالْعَيْبُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا لَا يَحْدُثُ أَصْلًا كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ لَا حَاجَةَ إلَى الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ بِقَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute