الإفطار بالأكل والشرب على الإفطار بالجماع، والجامع بينهما انتهاك حرمة الشهر بما يفسد الصوم عمدًا.
وقول الجمهور هو الصحيح، وهو رواية مشهورة عن أحمد - رحمه الله -، صححها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وهو قول سعيد بن جبير، وابن سيرين، وجابر بن زيد، والشعبي، وقتادة.
وقد ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله - وجوهًا في ترجيح هذا القول:
أحدها: أن الأصل براءة الذمة من هذه الكفارة، والحديث إنما يوجبها في الوقاع، فإلحاق غيره به يحتاج إلى دليل، والقياس فيها ليس بالبَيِّن؛ لجواز أن يكون الجماع قد تضمن وصفًا فارق به غيره، فما لم يقم دليل أن موجب الكفارة مجرد الفطر، لم يجز الإيجاب بمجرد الظن.
الثاني: أنه لو وجب لأجل الإفطار؛ لاستوى فيه جميع المفطرات؛ فإن تخصيص بعضها دون بعض نوع تشريع يحتاج إلى دلالة الشرع.
قلتُ: وهم لا يقولون بالكفارة فيمن استقاء.
الثالث: أن الجماع يفارق غيره بقوة داعيه، وشدة باعثه؛ فإنه إذا هاجت شهوته لم يكد يزعها وازع العقل، ولم يمنعها حارس الدين، وهو قول عمر، وعلي (١) - رضي الله عنهما -، ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة.
(١) جاء عنهما أنهما أمرا بمن شرب الخمر في رمضان أن يجلد، ولم يأمراه بالكفارة، أخرج أثر عمر عبدالرزاق في "مصنفه" (٧/ ٣٨٢) والبيهقي (٨/ ٣٢١)، وإسناده صحيح، وأثر علي أخرجاه أيضًا في المصادر المذكورة، وإسناده صحيح أيضًا.